Author

الاقتصاد الإيراني من حافة الهاوية إلى أسفلها

|


رغم بعض التصريحات "العنترية" الجوفاء التي يطلقها أركان النظام الإرهابي في إيران، إلا أن بعضهم لم يستطع أن يختفي وراء هذه التصريحات، التي صارت، منذ سنوات، مادة غنية للسخرية من جانب الإيرانيين أنفسهم. فهذا النظام يعيش أزمات متلاحقة ومتنوعة، والسبب الوحيد في ذلك يبقى دائما استراتيجية الخراب التي تبناها منذ استيلائه على السلطة في البلاد، ورفضه الابتعاد عنها، وتحدي المجتمع الدولي في الإبقاء عليها. هذه الاستراتيجية تنتج الإرهاب والظلم، إضافة طبعا إلى ناتجها الأول، وهو أزمة اقتصادية متواصلة تنال من الشعب الإيراني كل يوم، وتتعاظم على مدار الساعة، وتتسبب في تحولات اجتماعية خطيرة، بما في ذلك بالطبع تردي مستويات المعيشة، التي يمكن اختصارها في ارتفاع عدد سكان الكهوف في البلاد، بصورة مستمرة.
ومع تصاعد العقوبات الأمريكية المتدرجة على نظام علي خامنئي، تأخذ عملية "الخنق" المالي لهذا النظام أشكالا عديدة. فالنفط لم يعد سلعة قابلة للتصدير من هذا البلد. والأهم أن الولايات المتحدة تمكنت بسهولة من منع أي دولة، مهما بلغ شأنها، من التعاون مع هذا النظام الإرهابي، بمن في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، الذي ظل يحاول أن يلعب دور الوسيط بين طهران وواشنطن، إلا أنه أخفق المرة تلو الأخرى. بل إن حكومات هذا "الاتحاد" لم تستطع حتى إقناع شركاتها في مواصلة التعامل مع إيران. فقد رأت هذه الشركات البقاء بعيدا، خوفا من الغضب الأمريكي الذي لا يمكن أن تتحمله. لا يوجد لنظام خامنئي قوة ذات قيمة تقف إلى جانبه. فحتى الأوروبيون اعترفوا بفشلهم في حل المشكلات العالقة بصورة سياسية هادئة.
ولعل من أشد الأمور إهانة للجانب الأوروبي، أن الآلية المالية، التي ابتكرها للالتفاف على العقوبات الأمريكية ولدت ميتة. وهذا ما تؤكده طهران نفسها، التي لا تنسى أبدا الهجوم على الاتحاد الأوروبي بين الحين والآخر، باعتباره لم يوفر لها أي شيء يمكن أن يشكل حماية ما للنظام الإيراني. فحتى أوروبا توقفت نهائيا عن شراء النفط الإيراني، لماذا؟ لأنها عرفت أنها لا تستطيع أن تواجه الولايات المتحدة في هذا الأمر. وبعد انتهاء العفو الأمريكي لثماني دول كانت تستورد نفط إيران، بات نفط هذا البلد بلا مشتر. لا توجد جهة ترغب في الحصول على هذا النفط، باستثناء حكومات لدول مارقة كنظام بشار الأسد، الذي لا يملك حتى ثمن ما يحتاج إليه من النفط الإيراني. ناهيك عن فشله اللوجستي في الوصول إلى هذا النفط بصورة طبيعية.
حتى تهريب النفط الذي اعتاد نظام خامنئي ممارسته، لم يعد متاحا. فالخنق المالي جعل تحويل الأموال مستحيلا، ناهيك عن تكاليف التأمين التي قفزت إلى مستويات فلكية، ولا سيما في أعقاب الهجمات الإرهابية الإيرانية التي استهدفت الناقلات التجارية في الخليج العربي. وإيران في ظل هذا النظام لا تزال تعتمد على النفط كمصدر رئيس للدخل، لأنها لم تقم بتنفيذ أي خطة اقتصادية استراتيجية منذ استيلاء الملالي على الحكم. ولذلك فإن توقف تصدير النفط يعني ببساطة انتقال الاقتصاد الإيراني من حافة الهاوية إلى الهاوية نفسها. المرحلة المقبلة ستزداد سوءا على الصعيد الاقتصادي في إيران، ولا توجد إشارة واحدة تدل على أن النظام الحاكم يرغب حقا في تفاهمات مع المجتمع الدولي، عن طريق وقف إرهابه وعدوانه وخرابه.

إنشرها