Author

الشابة العجوز

|

حين استمعت إلى تلك الشابة الذابلة روحا وهي تشكو لي معاناتها مع العشق تذكرت ما قاله قيس بن الملوح
وجدت الحب نيرانا تلظى قلوب العاشقين لَهَا وقود
فلو كانت إذا احترقت تفانت ولكن كلما احترقت تعود
لم تكن تلك الفتاة ذات الثلاثة والعشرين ربيعا تتوهج نضارة وشبابا رغم جمالها الصارخ، بل كانت أشبه بامرأة عجوز تحتضر فوق فراش الموت، كانت بشرتها شاحبة كشحوب الموتى وعيناها شاردتين في الأفق الفسيح وبالكاد تسحب أنفاسها من أعماق صدرها، بدأت بالفضفضة بصوت خافت وهي تقول: "أحببت ابن خالتي حبا ملك روحي وسكن في شغاف قلبي، عانيت طوال خمس سنوات حتى اعترفت له بحبي من خلال رسالة واتساب كتبتها والهلع يلفني خوفا من ردة فعله أن تكون سلبية أو مخيبة لأملي، بعد خمس دقائق بالضبط وصلتني رسالة منه يبوح لي فيها بأنه يبادلني المشاعر ويخبرني أنه كان يخفي عشقه لي خوفا من أن يكون من طرف واحد، عشت معه أجمل سنة في حياتي شعرت كأني حمامة بيضاء يمتزج ريشها مع الغمام الأبيض فتحلق نحو تلك العوالم البعيدة عن أعين البشر، ثم حدث شرخ كبير في حياتي حين زارنا عمي يطلب يدي لابنه، رفضت رفضا قاطعا فغضب أبي مني ولم يعد يكلمني؛ لأن ذلك تسبب بقطيعة بينه وبين شقيقه، لي الآن سنتان تائهة بين رضا والدي ورغبتي بالارتباط بمن يعشقه قلبي
لا أعرف ماذا أفعل؟ أرشديني.
هذه الشابة العجوز الذابلة عشقا مع الأسف أسلمت قيادها لقلبها دون أدنى إدراك منها، لم تعرج إطلاقا على مسار العقل والحكمة، بل ركضت حافية القدمين خلف عاطفتها غير عابئة بأشواك الطريق، بعد حواري معها اكتشفت أن من تعشقه "عاطل باطل" في الثلاثين من عمره يسهر الليل وينام النهار بطوله، لم يحصل حتى على الشهادة الثانوية، طلباته أوامر بالنسبة لوالدته المعلمة لأنه الابن الوحيد لها من بين خمس من البنات، ولم يتحمل مسؤولية أسرته بعد وفاة والده منذ عشرة أعوام.
هل الحب أعمى لذلك الحد الذي يجعل هذه العاشقة لم تلحظ اتكالية محبوبها ورجولته الهشة وعيوبه الكثيرة؟
وهل الاندفاع العاطفي هو سبب فشل معظم قصص الحب حين يعيش أصحابها الحياة الواقعية؟
في نهاية الأمر نصحتها بعدم الزواج منه، فلم يعجبها ردي وغادرت بعيدا..
مهما كنت عاشقا مولها فإنك تستطيع أن تتحكم في اندفاعك العاطفي وتفكر بعقلك إن امتلكت قوة الإرادة والحكمة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها