Author

أيهما أهم: أن تعمل أم ماذا تعمل؟ «4»

|


الصبر والبحث عن عمل أمران متلازمان، أما المهارة الأهم التي ينبغي للباحث عن عمل التحلي بها فهي الإصرار والقدرة على تحمل الرفض. وبالتأكيد، ذلك صعب التقبل على حديث التخرج الذي طالما داعبت مخيلته أنه سيمارس الهندسة أو الطب أو التسويق، إلى آخر القائمة الطويلة من التخصصات، وسيسهم من خلال ما تعلمه ليبدأ مستقبلا مثمرا. ثم بعد التحصيل والجهد والمكابدة ينتهي به الأمر أن يقرع أبواب "الوظائف" دون مجيب، أو أن يقول له المجيب: هات أوراقك، ولا تتصل، نحن سنتصل. ثم لا يأتي الاتصال الموعود أبدا!
لذا، قبل دخول الباحث عن عمل معترك البحث لا بد أن يجهز نفسه تجهيزا معنويا، من خلال إدارة توقعاته لتتماشى مع واقع السوق، فدخولها شبيه بدخول البحر، ليس ثابتا على حال. ومن يدخل بتوقعات عالية قد يصدم، وهناك من لا يتحمل الصدمة، فيصاب باستياء يراوح بين "حلطمة" ويأس يؤديان إلى الكف عن البحث، وحالات متفاوتة بينهما.
ما الحل؟ الخريج بحاجة إلى مساندة قبل وأثناء البحث عن عمل. قبل البحث، بأن يحضر دورة لتطوير الذات ومهارات البحث عن عمل، وعديد من الدورات متاح من خلال منصة "هدف" ومنصة "دروب". أما أثناء البحث، فأنت بحاجة إلى أمور تعينك على البحث، منها عدم الاستماع للمثبطين والمحبطين، ممن سيجلبون لك ألف سبب للتوقف، وسيعيبون أي عرض وظيفي تحصل عليه: مكان العمل بعيد، ساعات العمل طويلة، الراتب قليل، ليس للوظيفة مستقبل، إلى آخر بنود قائمة سوداء أعدها قليلو الصبر بالتضامن مع المحبطين. لذا، أنت لست بحاجة إلى هؤلاء، بل في أمس الحاجة إلى من ينير لك الطريق بأن يعزز معنوياتك، فالسوق مليئة بالوظائف، وكل ما عليك أن تبذل كل جهدك لتحصل على أفضل فرصة متاحة، وضع أربعة أسطر تحت كلمة "متاحة". وهذا أمر لن يحققه شخص قرر أن يهزم نفسه بنفسه قبل أن يدخل معترك البحث عن عمل. لذا، ابتعد ثم ابتعد عن فاقدي الأمل في سوق العمل. الأمر الثاني، إلى أن تجد عملا، اجعل "باحث عن عمل" وظيفتك التي تقضي فيها ساعات نهارك وأجزاء من ليلك، ومارسها باجتهاد وحماس ونفس مفعمة بالأمل بالله - سبحانه - أولا ثم بشغف لا حد له ألا تبقى عاطلا.

إنشرها