Author

الأرنب والسلحفاة

|


حين كنا أطفالا صغارا كانت خيالاتنا الواسعة ترحل بنا نحو عوالم الدهشة والاستمتاع ونحن نقرأ تلك القصص البريئة التي تدور حول قيم ومفاهيم أخلاقية. وأتذكر من تلك القصص المشهورة التي أكاد أجزم أن أغلبية الأجيال الخمسة السابقة قد قرأتها هي قصة "الأرنب والسلحفاة" التي تحكي عن أرنب سريع الحركة، مغرور لا غير، مثابر ومجتهد، وسلحفاة بطيئة الحركة لكنها مثابرة ومجتهدة وتبذل أقصى طاقتها. وفي يوم ما دخل الأرنب والسلحفاة في سباق للجري، وبما أن الأرنب مغتر بسرعته فقد كان "يهايط" ويستمتع بوقته لأنه كان يعتقد أن السلحفاة لن تسبقه بسبب حركتها البطيئة، لكنها تقلب الموازين حين تصل إلى خط النهاية قبله وتفوز بالجائزة. عند نهاية القصة نخرج بمفهوم عميق يترسخ في عقولنا الصغيرة آنذاك وهو أن الجد والاجتهاد والمثابرة والكفاح هي سر النجاح وليس الغرور و"المهايط". كل هذه المفاهيم والقصص البريئة كنا نؤمن بها في ذلك الزمن، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في عصرنا الحالي: هل أطفالنا سيؤمنون بهذه القيم والمفاهيم في عصر السرعة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والأجهزة الذكية؟ وهل حان الأوان لتأليف قصص تتناسب مع عصرهم السريع؟
كثير من أطفالنا الآن يؤمنون بأن النجاح هو ما يحققه مشاهير السناب والسوشيال ميديا من شهرة وثروة ونجومية ومكانة اجتماعية في وقت قياسي ويعتقدون أن النجاح في هذا العصر لا يحتاج إلى مذاكرة وجد واجتهاد ومثابرة مثل تلك السلحفاة البطيئة بقدر ما يحتاج إلى "مهايط" الأرنب وغروره، بل أصبحوا "يأخذونا على قدر عقولنا" حين نقرأ لهم تلك القصص التقليدية التي آمنا بها حين كنا صغارا و"يسلكون لنا "حتى ننتهي من قراءتها ليركضوا نحو آيباداتهم وجوالاتهم لمتابعة نجمهم الصغير المشهور الذي حقق الثراء والشهرة وهو لم يتخرج بعد من المدرسة!
لكن الحقيقة تخبرنا أن النجاح في هذا العصر السريع أصبح يعتمد على الأفكار الإبداعية والتسويق وهاتان الأداتان من أخطر أدوات النجاح، فمثلا، جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون فكر بطريقة إبداعية جنونية وقام بالتسويق لشركته بشكل احترافي ليقفز سهم الشركة من دولار ونصف للسهم الواحد عند بدايتها إلى 2050 دولارا هذا العام ولتتجاوز قيمة الشركة السوقية تريليون دولار، وهذه أرقام فلكية استطاع جيف تحقيقها خلال 20 عاما وهو ما زال في الـ50 من عمره، وقس على ذلك الشباب الناجحين أمثال مؤسس «فيسبوك» و«السناب» والتطبيقات الذكية.. إلخ.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها