Author

كيف نحسن من تجربة العملاء مع الخدمات الحكومية؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


فهم كيف يتفاعل عملاء مختلفون مع خدمات حكومية، أمر غير شائع لدى الأجهزة الحكومية، التي تقدم خدماتها للجمهور، كما أنه لا يوجد تصور واضح لمثل هذه المسائل وطرق قياسها ومعرفة كيف تطبق تلك المفاهيم، أما في الشركات فإنها تؤدي ذلك بكفاءة عالية، وتجري كثيرا من البحوث والاستطلاعات والدراسات، كما أنها تستعين بالخبراء والمختصين؛ لتحسين تجربة العميل مع منتجاتها وخدماتها.
قديما كانت تجارب عملاء الخدمات الحكومية تدار من خلال العلاقات العامة، عندما تلتقط إدارات العلاقات العامة أي تعليق أو ملاحظة من العملاء تقوم بدراسة الحالة وتجهز الردود، وتفند الملاحظات مع محاولة شديدة لكسب الموقف بأي طريقة ضد العميل، ويعزى ذلك إلى ضعف العمل المؤسسي، وليس إلى ندرة أو غياب تمويل الخدمات الحكومية، بل على العكس من ذلك تماما، نجد أن بعض الجهات الحكومية تحصل على تمويل ضخم من الميزانية العامة، ومع الأسف مستوى خدماتها لا يعكس حجم الميزانية الممنوحة.
ولتوضيح مفهوم تجربة العميل، إن الخدمة ما هي إلا جانب واحد من تجربة العميل، فمثلا طريقة استقبال العميل، ومكان الاستقبال ولطف الموظف، والاستماع للعميل وزمن الانتظار والتذكير بالموعد، وشكره على طلب الخدمة وقياس رضاه وتوافر الخدمات التقنية، كلها تعكس تجربة العميل، بمعنى آخر، الخدمة التي تقدم للعميل ما هي إلا رحلة تبدأ من نقطة ولا تنتهي، وتستمر إلى التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية واستباق تطلعاته بشكل دائم بما في ذلك الجانب العاطفي، تشير بعض الدراسات في تحسين تجارب العملاء، إلى أن 50 في المائة من تجارب العملاء تعتمد على العاطفة.
بعض الجهات لديها خدمات جيدة وتطبيقات مميزة، ولكن تجربة العميل سيئة، وغير راض عن الخدمات، يعزى ذلك إلى أن التركيز كان على الخدمات دون فهم ودراسة تجربة العميل مع الخدمات، ولا يوجد أي اتصال عاطفي بأي شكل مع العملاء، إضافة أنه لا يوجد قياس حقيقي لجودة الخدمات والقيمة الحقيقية التي يحتاج إليها العميل.
إن الاستثمار في تحسين تجربة العميل له عائد على الأجهزة الحكومية، من حيث جودة وكفاءة الخدمات وتقليص الهدر المالي وتحسين المساءلة، إضافة إلى أن العمل يصبح أكثر سلاسة، ثم إن تكاليف العمليات تصبح مجدية اقتصاديا في مقابل المنفعة، وطريقة التعامل التي يحصل عليها عميل الخدمة الحكومية.
مستوى الاستجابة لاحتياجات العملاء الفعلية ترتفع في الشركات عند تطبيق برامج تحسين وتطوير تجارب العملاء، لذا فإن الأمر ذاته سيحصل إذا ما تم تطبيقه على الخدمات الحكومية بشكل شامل.
أعتقد أننا بحاجة إلى مرصد وطني لتبادل خبرات تحسين تجارب العملاء للخدمات الحكومية، كما أقترح أن يقوم المرصد بقياس تقدم الأجهزة الحكومية في تحسين تجارب العملاء على المستويات، الصحي والتعليمي والخدمات الأمنية، والبلديات والقضاء وسفارات المملكة في الخارج، وجميع الخدمات الحكومية بلا استثناء.

إنشرها