Author

من مكة .. إدانة جماعية لإرهاب إيران

|


لم تأت دعوة المملكة للعالم الإسلامي في هذه الأيام الفاضلة، إلا تأكيدا منها على أنها لا تريد إلا كلمة الحق، وكلمة سواء، فالمسلمون من شتى بقاع الأرض ينظرون إلى هذه الأيام كأفضل أيام العام، فالمسلم الصائم القائم لا يرجو إلا الحق، ولهذا فإن الكلمة التي يجتمع عليها أهل الإسلام في قبلة الإسلام في ليلة يرجى أنها ليلة القدر، هي كلمة حق بإذن الله.
ولقد اجتمعت دول مجلس التعاون، وكذلك الدول العربية قبل اجتماع القمة الإسلامية، وقد تم تأكيد حق المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات لصد العدوان الحوثي المدعوم من إيران، فإذا العالم الإسلامي يشهد على ما تقترفه اليد الإيرانية في اليمن وهي تعتدي على المملكة بالصواريخ والطائرات المسيرة، وتجد دعما هائلا من إيران، فإن الجميع أيضا يدين كل هذه الاعتداءات، ويعلن بكل وضوح أنهم يقفون صفا واحدا ضدها، وعلى الجميع العمل المشترك لصد هذا العدوان، ودول الخليج العربية التي هي جزء لا يتجزأ من العالم العربي والإسلامي لم تسلم من التصرفات الإيرانية المستهترة، فقد شهدت اعتداءات إيرانية سافرة، سواء في شكل صريح على السفن أو الممرات البحرية أو المحطات النفطية، أو على شكل دعم مباشر وغير مباشر للخلايا النائمة الإرهابية في الكويت والبحرين والمملكة، وكل ذلك لزعزعة استقرار المنطقة، وأن تسيطر إيران على مصير وقرار الشعوب.
وفي هذا المسلك تسعى إيران إلى الحصول على القوة النووية وهو ما سيشكل تهديدا لا حدود له، ولهذا جاء بيان دول مجلس التعاون تأكيدا على إدانة إيران، وهذه شهادة حق، كما أن هذه الإدانة تقتضي أن تتصرف الدول الخليجية والعربية وفقا لها، ومن ذلك إعادة النظر في السياسات الدفاعية والتحالفات العسكرية، ومن ذلك ما أقره قادة دول المجلس من التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة في هذا الشأن.
تأتي القمة الإسلامية في دورتها العادية في ظروف تجعل منها قمة استثنائية، فهناك تحد واضح من قبل إسرائيل لكل القرارات الأممية، ونقل سفارات الدول إلى القدس يشكل تهديدا خطيرا لحل الدولتين، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، ولهذا فإن العمل بجهد أكبر للعودة بالحوار إلى مساره الصحيح يحتاج من القمة الإسلامية إلى قرار بهذا الحجم وهذه الأهمية، مع كامل الاعتراف بأن القدس الشرقية تظل عاصمة لفلسطين، كما أن قرارات القمة الإسلامية تدين بكل وضوح التصرفات الإيرانية في دعم الميليشيات، التي تعرقل حركة نهضة الدول الإسلامية، وتعمق المشكلات الداخلية من خلال التدخل السافر.
كما أن اعتداءات إيران على حركة الملاحة البحرية تهدد مصالح الدول الإسلامية، وبذلك فإن إدانة إيران بشق الوحدة الإسلامية أمر في غاية الوضوح، ويستدعي أن تتصرف الدول الإسلامية مع إيران وفقا لمقتضيات هذه الإدانة، ومن ذلك التنسيق الكامل مع دول مجلس التعاون لصد العدوان، المشاركة في التحالف الإسلامي بكل قوة لصد أي اعتداءات على الدول الإسلامية وإحلال السلام، كما يجب دعم المملكة التي تتحمل اليوم وحدها فاتورة الدفاع عن العالم الإسلامي ووحدته وتمثيله أمام العالم، حيث تتعرض للاعتداء السافر من ميليشيات الحوثي.
لقد اتضحت ردة الفعل الإيرانية على الإدانة العربية والخليجية لها في البيانين الصادرين البارحة الأولى، وهذا يؤكد تماما أن إيران تحتاج إلى أن يقف العالم الإسلامي صفا واحدا ضدها، حتى تعود إلى رشدها وإلى ما أقره الإسلام من حسن الجوار، وما أقرته الدول الإسلامية في اجتماعاتها من عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والمملكة قد أكدت أكثر من مرة أنها لن تعتدي على أحد، وستظل إيران عضوا في منظمة التعاون الإسلامي طالما احترمت الدول الأعضاء فيها، لكن المملكة أيضا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الاعتداءات التي تهدد أمنها أو أمن الحجاج والمعتمرين، وهذه الرسالة يجب أن تصل بوضوح إلى إيران.

إنشرها