Author

قمم مكة المكرمة .. صوت الحق والإسلام والسلام

|


تنعقد في مكة المكرمة، ولأول مرة في التاريخ، ثلاث قمم في وقت واحد، القمة العادية لمنظمة التعاون الإسلامي للدورة الـ14، والقمتان العربية والخليجية الطارئتان، وأصبح من الواضح جدا أن هناك ثلاث قضايا رئيسة يتم تدارسها بعناية في هذه القمم المتزامنة، الأولى هي قضية القدس، وهي القضية الأولى ومحور اهتمام وعمل منظمة التعاون الإسلامي، وعلى الرغم من تأثير عدد من القضايا المتداخلة، من بينها التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية، وازدياد أعداد النازحين واللاجئين، وانتشار ظاهرة التطرف والإرهاب والطائفية، وهو الأمر الذي يتطلب من العالم الإسلامي وقفة جادة واتباع السبل الممكنة لمعالجتها، فإن قضية القدس تبقى القضية الإسلامية الأولى، ويبقى حسم الصراع في هذا الموضوع الطويل والشائك هو ميراث القادة المؤسسين للمنظمة، وضرورة حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
لكن المملكة، وبسبب تمسكها بهذه المبادئ الكبرى، والتصريح بها في كل مناسبة، والعمل الجاد على الأصعدة كلها، وفي منصات الحوار العالمية وبين أروقة الدبلوماسية الناعمة، لم تتغير مواقفها ولم تتبدل، ورغم تعرضها لهجمة إرهابية شرسة تقودها إيران عبر ميليشياتها التي تحركها منذ زمن بعيد، اتبعت المملكة مع إيران وسائل الدبلوماسية لاحتوائها، وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية، وأن تحترم حق الجوار، لكن إيران تستغل كل ارتباك سياسي في أي دولة عربية لتعمل على تحويلها إلى دولة فاشلة، وتضع بين جنباتها ميليشيات إرهابية تعمل على نقض أي حل سياسي أو عودة المجتمع العربي إلى إصلاح الخلل وترميم بنائه والعودة إلى المسار السياسي الصحيح. وإزاء الجهود التي تبذلها المملكة لتمكين الشعوب العربية من تقرير مصيرها، وأن ترفع إيران وميلشياتها الإرهابية يدها عن قرار الشعوب، تجد المملكة نفسها اليوم مهددة بالصواريخ التي تستهدف المدنيين والمنشآت الاقتصادية الحيوية، وأصبحت إيران تعمل بشكل واضح على تحقيق مؤامراتها المشبوهة. وإذا كانت المملكة قادرة على حماية نفسها وشعبها من هذا التطرف، فإنه آن الأوان للعالم العربي، ومن خلال القمة العربية الطارئة، أن يعلن بكل وضوح موقفا موحدا وصارما تجاه إيران وميليشياتها الإرهابية في المنطقة، وأن على القمة العربية إدانة أي تراخ في هذا الجانب، فضلا عن الدعم أو تمرير أجندة إيران الإرهابية في المنطقة.
حرصت المملكة منذ إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية على أمن واستقرار منطقة الخليج، وأن تصبح منطقة عالمية جاذبة، ومنطقة حوار وسلام عالميين، ومركزا حضاريا مشعا، ولهذا عملت منذ نشأة هذا المجلس على حمايته من أي تهديد، وبكل الوسائل، فتم إنشاء قوة درع الجزيرة، لتكون ذراعا عسكرية لدول الخليج العربية عند مواجهة أي تهديد مباشر، ونجحت هذه القوة وهذه الخطوة المباركة في الحفاظ على الأمن الخليجي، ومن التهديدات الإيرانية أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، واستغلالها الفوضى السياسية التي عمت العالم العربي حينها، والآن تجد المملكة نفسها في مواجهة صريحة مع إيران وميليشياتها الإرهابية في اليمن، ولهذا فإن على القمة الخليجية مسؤولية تاريخية في هذا الشأن، وأن تقوم بواجبها لدعم المملكة في مواجهة هذه التهديدات التي لن تعوق المملكة عن مسؤولياتها تجاه المنطقة والعالمين العربي والإسلامي.
تأتي القمم الثلاث والمملكة في أفضل حالاتها العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهي قادرة على المواجهة، وأن توقف إيران عن أي تهديد وبأي شكل، ومن ذلك دعم الخلايا الإرهابية في اليمن وباقي الدول العربية، لكن المملكة تضع العالمين الإسلامي والعربي أمام مسؤولية تاريخية.

إنشرها