Author

انتحار طفل

|

لست بصدد رصد ردة الفعل على والدي الطفل وأسرته - على الرغم من وجودهما في دولة أخرى - أو التعاطف معهما لأن هذا من المعطيات التي لا يمكن لأحد أن يفوتها، ففي هذه الحالة ترتفع كمية التعاطف بشكل غير محدود، يزيده ما نشاهده من الحالات في بيوتنا من التعامل بشكل "جنوني" مع الأجهزة الخطيرة التي تزاحمنا في منازلنا وتشتت انتباه أبنائنا وبناتنا وتأخذ من بصرهم وتفكيرهم وعاطفتهم الشيء الكثير.
أريد أن أستغل هذه الحادثة في تقديم التحذير من مستقبل خطير على المجتمع من مخاطر التعلق " غير المقنن " بالبرامج والألعاب والتطبيقات الإلكترونية التي لا يمكن أن نحاصر مخاطرها لسبب بسيط وهو استمرار تطورها وتأثيرها والسيطرة الجنونية التي تظهر لنا في الأسواق لمثل هذه المكونات المشكلة.
كلمة واحدة أسوقها هنا هي لا توجد لعبة من دون مخاطر، وهذا التصريح قد يرفضه كثيرون لكنني أرى أن المستقبل يحمل في طياته برامج عالية المخاطر، شديدة التطور حيث تصبح هذه الوسائط طرقا للسيطرة على المجتمعات وليس الأفراد فقط. لكل من اعتقد أن فيلم The Matrix مجرد خيال علمي أقول له راجع نفسك. طبعا الفيلم يتحدث عن سيطرة الأجهزة على الناس وإيجاد مخلوقات تشبه البشر وتسيطر على كل ما في الكرة الأرضية عن طريق مجموعة خوادم تحولت إلى سادة في مشاهد من الخيال العملي.
المخلوقات التي يظهرها الفيلم عبارة عن روبوتات عالية التطور والمرونة بحيث يبدو كل ما تفعله منسجما ومتوافقا مع ما نتوقعه من البشر ولكن بقوة خارقة لا يمكن تصور سرعتها أو حدتها.
يأتي السؤال المهم، وهو من يعلق الجرس، ويوقف هذه المخاطر من الدخول للعالم وإنهاء سيطرة الإنسان على ما حوله من المخلوقات والآلات؟ سؤال يبدو أنه كان موضوع مؤتمر للهاكر في دبي الشهر الماضي حيث اتفق الجميع على أننا "نحن" المستخدمين مطالبون بإيقاف هذه السيطرة من خلال وسيلة مهمة وحيدة، وهي التوقف عن شراء المنتجات عالية التطور والاعتماد على المنتجات التي يمكن أن توفر الحد الأدنى من الخدمة وتعتمد على الحد الأدنى من التقنية. كل من شارك في ذلك المؤتمر من لصوص المعلومات وخبراء الدخول على الأنظمة والبرامج والتطبيقات اتفقوا على أمر وحيد ومهم وهو استخدام الجوال "أبو كشاف" الذي يمكن أن يعود للمشهد بعد أن اكتشفنا مخاطر الاندفاع وراء التقنية دون تركيز أو نقد ذاتي.

إنشرها