FINANCIAL TIMES

إدمان الاستدانة بالدولار يهدر مصداقية «المركزي التركي»

إدمان الاستدانة بالدولار يهدر مصداقية «المركزي التركي»

استمرت موجة عدم الاستقرار في سعر صرف العملة التركية الليرة، منذ إصدار أمر بإعادة إجراء انتخابات محلية حاسمة في إسطنبول، كانت قد انتزعتها المعارضة من الحزب الحاكم.
وصل إجمالي الاقتراض من المصارف المحلية من خلال مقايضات لمدة أسبوع، إلى مستوى جديد بلغ 13.4 مليار دولار يوم الجمعة الماضي، بزيادة تقدر بنحو 1.7 مليار دولار عن نهاية الأسبوع السابق له.
أثارت أرقام البنك المركزي تكهنات بأنه استخدم مقايضات لإخفاء الجهود المبذولة، لمنع حدوث انخفاض أكبر في سعر صرف عملة البلاد.
كشفت "فاينانشيال تايمز" الشهر الماضي عن أن الارتفاع في الاقتراض قصير الأجل من قبل البنك المركزي التركي، كان يساعد على حجب حجم الانخفاض في صافي احتياطيات العملة الأجنبية.
اشترت المصارف الحكومية على الأقل مليار دولار من الليرة هذا الأسبوع، في محاولة واضحة لدعم العملة التركية، وفقا لمستثمرين قالا "إنهما لاحظا أدلة على زيادة وتيرة تدخل البنك المركزي في أنماط التداول"، إلا أنهما طلبا عدم الكشف عن هويتيهما بسبب حساسية الأمر.
يعد عديد من المستثمرين بيع الدولار من قبل المصارف الحكومية سببا رئيسا آخر لاستنزاف تدريجي لصافي احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي لم يوضحه البنك المركزي بالكامل.
قال محلل تركي في مصرف دولي كبير -طلب عدم ذكر اسمه- "من الصعب للغاية الحفاظ على تلك الوتيرة نفسها من التدخل بعد ستة أسابيع.. أنا حقا لا أفهم خطة اللعبة هنا".
وردد بيوتر ماتيس، محلل الأسواق الناشئة في "رابوبنك"، هذا الأمر المقلق قائلا "ليس لدى البنك المركزي ودائع احتياطية كافية من العملات الأجنبية للتدخل بشكل منتظم على نطاق واسع".
لم يرد البنك المركزي التركي على طلب التعليق حول زيادة استخدام المقايضات، وادعاءات التدخل غير المباشر.
وقد أقر سابقا أن عمليات المقايضة "قد تؤثر" في مستويات الاحتياطيات لديه، إلا أنه قال أيضا "إن حسابه لها يتماشى مع المعايير الدولية".
وقد حث مراقبي السوق على النظر إلى إجمالي الاحتياطيات، بدلا من الرقم الصافي.

هذه المرة مختلفة
يشعر المستثمرون بالقلق من قرار مجلس الانتخابات التركي، الذي يسيطر عليه معينون من حزب الرئيس رجب طيب أردوغان الحاكم، بإعادة إجراء اقتراع لانتخاب رئيس بلدية إسطنبول، الذي تم إجراؤه أول مرة في 31 آذار (مارس) المخاضي، بعد إعلان فوز مرشح المعارضة في انتصار معنوي كبير على مرشح الحزب الحاكم، الذي كان آخر رئيس للوزراء، قبل تعديل النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي.
قال محلل تركي كبير في شركة مالية دولية كبيرة "حقيقة أن الحزب الحاكم لم يقبل التسليم بخسارة الانتخابات في إسطنبول، القلب المالي والاقتصادي للبلاد، يعد في حد ذاته مشكلة كبيرة لأنه أدى إلى إدامة حالة عدم التيقن السياسي، والشكوك المرتبطة بشأن السياسات. إنها صورة بشعة حقا".
وأضاف هذا الشخص أن "عديدا من المستثمرين بدأوا يدركون أخيرا أن هذه المرة مختلفة عن الأمثلة الحديثة العديدة الأخرى، التي نجحت فيها حكومة أردوغان في استعادة الثقة بالأسواق المالية".
عانى حزب الرئيس الحاكم هزيمة بفارق ضئيل في المنافسة الأصلية للسيطرة على إسطنبول، المدينة الأكبر والأكثر ازدهارا في تركيا، إذ عاقب الناخبون مرشحه بسبب الانكماش الاقتصادي المؤلم.
وقد وصفت أحزاب المعارضة إصدار أمر إعادة المنافسة، الذي استند إلى استنتاج مفاده أن بعض لجان صناديق الاقتراع قد تم عدها بشكل غير مشروع بأنه "ديكتاتوري صارخ" و"سرقة" في رابعة النهار.
يشعر المستثمرون بالقلق من أن عملية إعادة إجراء الانتخابات تنقض وعدا من أردوغان ووزير المالية، بأن الحكومة ستضع حدا للشعبوية الاقتصادية، وتركز بدلا من ذلك على الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها.
قال سنان أولجن، رئيس مجلس إدارة إيدام EDAM، وهو مركز أبحاث في إسطنبول "كان هناك توقع، داخليا بل أيضا ودوليا، أن يكون 31 آذار (مارس) الماضي، نهاية للجدول الزمني الانتخابي المحموم، وأنه بعد ذلك يمكن للحكومة أن تعود إلى أجندة أكثر جدية للإصلاح الاقتصادي، بعيدا عن الضغط الانتخابي".
"الآن بعد نحو شهرين، سيتعين على الحكومة مواصلة العمل وكأنها ما زالت في ذلك الوضع الانتخابي نفسه". قال الرئيس أردوغان، في سياق تبرير إعادة الانتخابات في إسطنبول، "إنه سيعقد 39 اجتماعا قبل يوم الانتخابات. هذا يظهر أين سيكون الاهتمام حتى انتخابات 23 حزيران (يونيو) المقبل".
قالت استير لو، مديرة استثمار ديون الأسواق الناشئة في شركة أموندي إدارة الأصول، "إن قرار إعادة الانتخابات جعلها تشعر بخيبة أمل". وقالت "كان من الواضح أنه سيزيد من التقلبات في السوق وقد زادها".
حتى قبل الإعلان عن إعادة إجراء الانتخابات هذا الأسبوع، كانت البلاد تعاني الآثار المترتبة على أزمة العملة في الصيف الماضي، التي تسببت في أول ركود في البلاد منذ عقد، وتركت التضخم عالقا عند نسبة 20 في المائة.
وقد تفاقمت هذه المشكلات بسبب الحملة للانتخابات المحلية في آذار (مارس) الماضي، التي صاحبتها سلسلة من التدابير غير التقليدية التي تهدف إلى جذب الناخبين.
تنوعت تلك الإغراءات من انتشار الأكشاك البلدية التي تبيع الفواكه والخضراوات بأسعار مخفضة، إلى الضغط على المصارف لتقديم مزيد من القروض وبتكاليف أقل.
وأضافت أنه "لا يزال بإمكان صانعي السياسة الأتراك تفادي تفاقم الأزمة، من خلال اتخاذ خطوات لطمأنه الأسواق، ومن أجل تأكيد المصداقية لدى البنك المركزي التركي".
إلا أنها حذرت من أنه، في ظل خلفية صعبة تضمنت التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا، والقلق المتزايد في عديد من الأسواق الناشئة، فإن التوقعات بالنسبة إلى تركيا لا تزال "متقلبة"، في أفضل الأحوال.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES