default Author

الحد الأدنى للأجور واستفادة العامل «2 من 2»

|

لم تستطع البحوث التي امتدت لعدة عقود أن تتوصل إلى حل لهذا الجدل. وتقول بعض الدراسات إن الحد الأدنى للأجور يعود بمنافع كبيرة على العمالة، بينما تجد دراسات أخرى أن هناك ضررا ينشأ عنه. ولم يتوصل كثير من الدراسات إلى نتائج قاطعة حول هذه المسألة.
ومع هذا، يبدو أن هناك قدرا متزايدا من الإجماع على أنه عندما يكون الحد الأدنى للأجور في مستوى معتدل، يكون ذا تأثير سلبي طفيف في توظيف العمالة. وتوصلت البحوث الأخيرة بوجه عام إلى أن حجم التغير في توظيف العمالة نتيجة رفع الحد الأدنى للأجور يصل إلى الصفر تقريبا، رغم أن الضرر قد يلحق بمزيد من الفئات الضعيفة، كالعمالة متدنية المهارات والعمالة الشابة. وأحد التفسيرات المعقولة للآثار المحدودة في الوظائف هو أن الحد الأدنى للأجور، في المستويات المعتدلة، لا يشكل سوى نسبة صغيرة من التكاليف الإجمالية التي يتحملها صاحب العمل؛ لذا فإن الشركات يمكنها أن تستوعب الرفع بوسائل متنوعة خلاف خفض الرواتب. ومن الخيارات المطروحة تخفيض التكاليف التي ليست لها علاقة بالأجور، ورفع الأسعار، وزيادة الإنتاجية، وقبول فكرة تحقيق أرباح أقل.

التأثير في عدم المساواة
هناك حافز جوهري آخر لاعتماد سياسات الحد الأدنى للأجور وهو تخفيض عدم المساواة في الدخل بتحسين أوضاع الفئات في أدنى منحنى توزيع الأجور. ويتبين من الدراسات التجريبية أن رفع الحد الأدنى للأجور يؤدي في الأغلب إلى تضييق التفاوت في مستويات الأجور، وإن كان لا يشكل سوى جزء من الجهود الأوسع على مستوى السياسات نحو تخفيف حدة الفقر بشكل كبير.
ومع هذا، هناك حدود لما يمكن أن يحققه الحد الأدنى للأجور. فرفع هذا الحد الأدنى إلى مستويات عالية للغاية يمكن أن يفضي إلى فقدان كثير من الوظائف، وبالتالي تكون آثاره التوزيعية غير مقبولة. ومع فقدان أصحاب الدخل المنخفض وظائفهم، تتسع هوة عدم المساواة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي رفع الحد الأدنى للأجور إلى رفع هيكل الأجور ككل، دون إحداث أي تغيير يذكر في درجة تفاوت الدخل لأن الشركات ترغب في منح تعويضات أفضل لأكثر عامليها إنتاجية.

ما المستوى المناسب؟
لنفترض إذن أن الحد الأدنى المنخفض للأجور مفيد بينما الحد الأدنى المرتفع ضار. فما المستوى الأمثل؟ هناك القليل من الدراسات يعالج هذه المسألة بشكل مباشر، لكن الدراسات التي تتناول هذه المسألة تخلص إلى أن النسبة الأمثل تراوح بين 25 و50 في المائة من متوسط الأجور. وفي الواقع العملي، ينبغي ضبط سياسات الحد الأدنى للأجور للحفاظ على نمو الأجور بشكل عام بما يتماشى مع مكاسب الإنتاجية. ويدعم هذا الرأي ابتعاد عملية تحديد الحد الأدنى للأجور عن أيدي السياسيين ووضعها في أيدي خبراء مستقلين.

إنشرها