default Author

الحد الأدنى للأجور واستفادة العامل «1من 2»

|


تطبق كل البلدان تقريبا حدا أدنى للأجور. غير أن التفاصيل تختلف فيما بينها، فبعض البلدان، مثل فرنسا، تطبق الحد الأدنى الثابت المعمم على مستوى الاقتصاد ككل، بينما تميز بلدان أخرى، مثل نيوزيلندا وجنوب إفريقيا، بين القطاعات وأنواع العمالة. وعادة ما تحدد الحكومة الحد الأدنى للأجور وتعيد النظر فيه بانتظام بالتشاور مع مؤسسات الأعمال والهيئات العمالية.
ويستند الحد الأدنى للأجور إلى مبررات أخلاقية واجتماعية واقتصادية، لكن الهدف الشامل منه هو زيادة مستويات الدخل وتحسين مستوى رفاهية العمالة ذات الأجور المنخفضة، مع الحد كذلك من عدم المساواة وتعزيز الشمول الاجتماعي. ويرى النقاد عكس ذلك حيث يقولون إن الحد الأدنى للأجور لا يحسن مستوى الرفاهية الاجتماعية وإنما يأتي بنتائج عكسية لأنه يفضي إلى اضطراب السوق أمام العمالة. ويرون أن هناك وسائل أخرى لتقديم المساعدة الاجتماعية تتسم بأنها أدق في استهداف المستحقين وأقل إحداثا للتشوهات.
هل يعود رفع الحد الأدنى للأجور فعليا بالمنفعة على العمالة منخفضة الدخل؟ يتوقف الأمر على عدة عوامل.
أولا، قد لا يمتثل أصحاب العمل لقانون الحد الأدنى للأجور. فإذا لم يحصل العامل بالفعل على ذلك الحد الأدنى، أو إذا لم يتجاوز القانون كونه حبرا على ورق، لن تكون للأمر أهمية. على سبيل المثال، في البلدان ذات اقتصادات الظل الكبيرة، غالبا ما يعطي أصحاب العمل للعاملين مبالغ إضافية على الأجور من تحت الطاولة وتعرف أحيانا باسم "مدفوعات الأظرف" لتجنب الضرائب أو تكلفة منح المزايا. وفي هذه الحالة، قد يكون رد فعل صاحب العمل إزاء رفع الحد الأدنى للأجور هو تخفيض مدفوعات الأظرف، دون أن يطرأ أي تغير في التعويضات ككل. وقد يلجأ أصحاب العمل كذلك إلى إبلاغ عدد ساعات عمل أقل مما اشتغله العاملون بالفعل، وهو ما يؤدي كذلك إلى عدم تغير الأجور ككل. أو قد لا يبلغ صاحب العمل عن الوظيفة على الإطلاق، متجنبا بالتالي قانون الحد الأدنى للأجور بأكمله.
وثانيا، حتى عندما تحترم لوائح الحد الأدنى للأجور تماما، قد يقع الدخل الإضافي تحت طائلة ضرائب التأمين الاجتماعي والعمل، ما يحد من تأثير الزيادة في الأجر الصافي بعد الضرائب. وأخيرا، قد يوازن أصحاب العمل ارتفاع الحد الأدنى للأجور بالحد من المزايا التي يمنحونها أو تقليل ساعات العمل أو تسريح الموظفين لتقليل التكاليف.
يدخل التأثير المحتمل في توظيف العمالة في صميم الجدل الدائر حول سياسة الحد الأدنى للأجور ويظل موضوعا خلافيا. فإذا نفذ الحد الأدنى ورفعت الأجور في الأسواق التنافسية إلى مستويات أعلى من تلك السائدة، سيمتنع بعض الشركات عن دفع أجور أعلى ويتجه إلى تسريح العمالة، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، ربما تكون الأسواق غير تنافسية. فعلى سبيل المثال، ربما تكون الشركة التي تنفرد بوضعية صاحب العمل الوحيد في سوق معينة قادرة على فرض أجور أقل من تلك الأجور المتاحة في ظل المنافسة. وفي هذه الحالة، فإن تطبيق الحد الأدنى للأجور يمكن أن يزيد دخل العمالة دون تخفيض فرص العمل. وبالفعل، قد يجذب ارتفاع الأجور مزيدا من العمالة ويزيد بالتالي من فرص العمل.

إنشرها