default Author

العملات المشفرة وأشكال النقود الجديدة «1من 2»

|


ظهرت مئات منها بأسماء جذابة، مثل برايم كوين Primecoin وداش Dash وأصبح لها أتباع بين المهتمين بالتكنولوجيا، وتشهد قيمتها تقلبات حادة. ويقول البعض "إن أكواد الكمبيوتر الغامضة تلك ستحل في يوم ما محل النقود التقليدية كما نعرفها اليوم". فما هذه العملات المشفرة تحديدا؟ وما الذي يجعل البعض يعتقد أن ليس لها أي قيمة على الإطلاق؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، دعونا في البداية نلقي نظرة على الكيفية التي تطورت بها النقود.

استخدامات النقود
تعد النقود مخزنا للقيمة، ووسيلة لتبادل السلع والخدمات، ووحدة حساب لقياس القيمة. وقبل استحداث النقود، كانت المجتمعات الإنسانية تتبادل السلع والخدمات مباشرة، على سبيل المثال. لكن هذه الوسيلة لم تكن فعالة للغاية، ومع تطور المجتمعات، ظهرت النقود السلعية، المصنوعة من الصدف والنحاس والفضة والذهب، واستحدثت بعض الدول النقود الإلزامية، وهي نقود ليس لها أي قيمة، بخلاف أنها تمثل تعهدا بالدفع، مثل النقود الورقية في الصين، خلال العقد الثامن في ظل حكم سلالة تانج.
ولم تكن النقود الإلزامية في صورتها الأولى مستقرة أو مقبولة على نطاق واسع، نظرا لأن المواطنين لم يصدقوا أن المُصدر سيفي بالتزامه برد النقود. وخضعت الحكومات لإغراءات طباعة النقود لشراء السلع ورفع الأجور، ما أدى إلى ارتفاع التضخم "تخيل مواطنين ينقلون النقود في عربات يد في ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى".
وتسعى البنوك المركزية في العصر الحديث إلى الحفاظ على استقرار الأسعار من خلال تنظيم المعروض النقدي نيابة عن الحكومات.

مسك السجلات والدفاتر
في ظل اتساع نطاق النظام المالي وزيادة تعقده، ظهرت الحاجة إلى جهات وساطة مالية موثوقة ونظم محاسبية تتمتع بالمصداقية، وكان ظهور مفهوم "مسك الدفاتر" بنظام القيد المزدوج في إيطاليا في عصر النهضة من الابتكارات المهمة، التي عززت دور البنوك الخاصة الكبرى. وفي العصر الحديث، أصبحت البنوك المركزية على قمة نظم الدفع، ومع ميكنة الدفاتر المصرفية، تزايد الدور التنسيقي الذي تطّلع به البنوك المركزية.

كيف يتم استخدام الدفاتر؟
تقوم المؤسسات المالية بضبط مراكز مالكي الحسابات في دفاترها الداخلية، في حين يقيد البنك المركزي المعاملات بين المؤسسات المالية في دفتر مركزي. فعلى سبيل المثال، تستخدم مهرناز نقودا من حسابها لدى بنك "أ" لشراء سلع من ماري التي تمتلك حسابا مصرفيا في البنك "ب". يخصم البنك "أ" النقود من حساب مهرناز. ويحول البنك المركزي النقود من البنك "أ" إلى البنك "ب" ويقيد المعاملة في دفتره المركزي. ويضيف البنك "ب" لاحقا النقود إلى حساب ماري. وكما نرى، يقوم هذا النظام على الثقة بالبنك المركزي وبقدرته على حماية نزاهة الدفتر المركزي وضمان عدم صرف الأموال نفسها مرتين.
أما في ظل وجود عديد من العملات المشفرة، فلا حاجة إلى وكيل مركزي مؤتمن؛ بل أصبح الاعتماد على تكنولوجيا دفاتر الحسابات الرقمية الموزعة، مثل تكنولوجيا "بلوك تشين" أو سلسلة الكتل، لإنشاء دفتر "عبارة عن قاعدة بيانات في الأساس" تتم إدارته عبر شبكة، ولضمان عدم صرف العملة المشفرة مرتين، يتحقق كل عضو في الشبكة من صحة المعاملات باستخدام تكنولوجيا مستمدة من علوم الكمبيوتر والشفرة. وبمجرد الحصول على موافقة لا مركزية من أعضاء الشبكة، تضاف المعاملة إلى الدفتر الذي يتم التحقق من دقته وصحته. ويعرض الدفتر بيانات تاريخية كاملة عن المعاملات المرتبطة بعملة مشفرة معينة، وهي بيانات دائمة لا يمكن لأي كيان التلاعب بها. وتعد إمكانية الحصول على موافقة على صحة المعاملات بين الحسابات في إطار شبكة موزعة بمنزلة تحول تكنولوجي جذري،
وعادة ما تتم مكافأة أعضاء الشبكة الذين يقومون بالتحقق من صحة المعاملات واعتمادها بعملات مشفرة جديدة. ويسمح عديد من العملات المشفرة بإخفاء هوية مالكه جزئيا، حيث يكون لمالك العملة مفتاحان. مفتاح عام، كرقم حساب، ومفتاح خاص يلزم تقديمه لإتمام المعاملة. واستكمالا للمثال السابق، ترغب مهرناز في شراء سلع من ماري باستخدام عملة مشفرة. وللقيام بذلك، تجري مهرناز معاملة باستخدام مفتاحها الخاص، وتتعرف الشبكة على مهرناز من خلال مفتاحها العام ABC وعلى ماري من خلال مفتاحها العام أيضا XYZ ويتحقق أعضاء الشبكة من أن العضو ABC لديها المال الذي ترغب في تحويله إلى العضو XYZ من خلال حل أحجية مشفرة وبمجرد حل الأحجية، تعتمد المعاملة، وتضاف كتلة جديدة تمثل المعاملة إلى سلسلة الكتل، وتحول الأموال من محفظة ABC إلى محفظة XYZ.

إنشرها