default Author

الاقتصاد الرقمي .. التطور الجديد في الشرق الأوسط «2 من 2»

|


يثير استخدام البيانات الشخصية في الاقتصاد الرقمي بعض القلق من الناحية التنظيمية. وتتمثل إحدى هذه المشكلات في توزيع حقوق الملكية بين الأفراد والشركات التقنية. ومن وجهة نظر اقتصادية، تأتي الإجابة مباشرة تماما: يجب أن يتوقف حق الملكية على ما استثمرته الشركة الفنية لجمع بيانات المستخدم ومعالجتها.
وإذا كانت المبالغ كبيرة للحفاظ على حوافز من أجل الإبداع وتجنب المصادرة، فإن البيانات ينبغي أن تؤول ملكيتها إلى الشركة. على سبيل المثال، يجب أن تؤول ملكية تصنيف مستوى الفنادق على المواقع الإلكترونية لشركات السياحة إلى برنامج السياحة وليس إلى الفندق نفسه، إذ تتكلف البرامج كثيرا للتحقق من ذلك.
على النقيض من ذلك، إذا كانت عملية الانتقال بين البرامج سهلة بالشكل الكافي وغير مكلفة، فإن ملكية البيانات الشخصية يجب أن تؤول بوضوح إلى المستخدم. على سبيل المثال، فإن سمعة السائقين والمسافرين على منصات خدمات النقل عبر تكنولوجيا المعلومات يجب أن تؤول إلى المستخدم. وعمليا، ينبغي لشركات معالجة البيانات تطوير برامجها بطريقة يسهل من خلالها فصل البيانات الشخصية الأولية التي يقدمها المستخدمون "أو المعلومات الشخصية التي يتم استخلاصها تلقائيا" عن الموقع الإلكتروني أو عن ملامح التطبيق "التي تمثل حقوقا فكرية مملوكة للشركة". ثمة مسألة رئيسة أخرى هي الخصوصية وطريقة تبادل الشركات الفنية للبيانات الشخصية التي تحصل عليها. وبالفعل، قد تتعرض الخصوصية للخطر، ولا سيما في الظروف الاستثنائية مثل الاندماج أو الإفلاس. وبأخذ حماية المستهلك في الحسبان، يمكن لمؤسسات الأعمال الرقمية أن تستغل التحيز الإدراكي بطرق جديدة وقوية. ومن ثم، ينبغي لبلدان المنطقة أن تطور أساليب تضمن فهم المستخدمين الكامل للكيفية التي تستخدم بها بياناتهم الشخصية التي قدموها. ثانيا، عندما تبيع البرامج الخدمات، ينبغي أن يكون تصنيفها ومقترحاتها محل ثقة من خلال تنبيه المستهلكين لوجود أي تضارب محتمل في المصالح، مثل الحصول على عمولات كبيرة من بيع ماركات معينة. وبالمثل، يتعين على مقدمي خدمات التواصل الاجتماعي اتخاذ إجراءات فاعلة للحد من نشر معلومات مشوهة أو "أخبار زائفة". أخيرا، يحتاج المستخدمون إلى حمايتهم من جرائم الفضاء الإلكتروني. ورغم استثمار البرامج لموارد كبيرة لمنع اختراق البيانات، إلا أن هناك حاجة إلى عمل المزيد بسبب تكرار هذه الخروقات "كسرقة بيانات بطاقات الائتمان من ملايين المستهلكين بالمتاجر الكبيرة". وينبغي أن تكون قوانين المسؤولية أكثر صرامة حتى تدمج البرامج الخسائر الضخمة التي تكبدها ضحايا سرقة البيانات الشخصية، التي لا تقتصر في كثير من الأحيان على الخسائر الاقتصادية، بل أيضا تضر بالسمعة ما يمكن أن يؤدي أيضا إلى إصابات بدنية.
يتصدى كل بلد في العالم لهذه التحديات الجديدة التي يجلبها الاقتصاد الرقمي، بيد أنه لم يتم بعد التوصل إلى توافق في الآراء حول أفضل سبل تطبيق المبادئ الموضحة سلفا. ومن ثم يجب على بلدان المنطقة تحليل مختلف التجارب من خلال تبني الجوانب التي توافق واقعهم وتحديد الحلول الحقيقية عندما لا يصبح ذلك ممكنا. وبهذه الطريقة فقط، يمكنهم النجاح في القفز إلى مصاف الدول الناجحة من حيث التنظيم وإنشاء اقتصاد رقمي جديد ينجح فيه الجميع.

إنشرها