FINANCIAL TIMES

حرب رسوم وحشية .. الصناديق تدفع أموالا إلى المستثمرين

 حرب رسوم وحشية .. الصناديق تدفع أموالا إلى المستثمرين

في ظل ارتباط الربحية بنمو الأصول، توالي صعود الاستثمار في مؤشر السلع الأساسية على مدى العقدين الماضيين، ما قاد أكبر مديري الصناديق إلى تخفيض الرسوم إلى مستويات منخفضة جديدة، في محاولة لجذب مزيد من الأعمال.
لقد اندلعت حرب رسوم وحشية في إدارة الأصول إلى درجة أن الشركات باتت تفكر فيما لا يمكن تصوره من ذي قبل: دفع أموال للمستثمرين لإدارة أموالهم.
هذا السباق نحو القاع بدا أنه وصل إلى نهايته الطبيعية العام الماضي، عندما أطلقت شركة فيديلتي للاستثمارات، أول صندوق استثمار من دون رسوم.
شركة سولت فاينانشيال، مديرة منفذ أمريكي، تريد أن تخطو خطوة إلى الأمام بتقديم أموال بمعدلات إنفاق تقل عن خمس نقاط أساس - ما يمنح العملاء فعليا خمسة دولارات لكل عشرة آلاف دولار يستثمرونها.
بعض المعلقين يرون أن هذه هي المرحلة الأخيرة في السباق التنافسي على الأصول، لكن آخرين يرفضونها باعتبارها حيلة تسويقية جريئة.
"حرب الرسوم الآن هي حرب علاقات عامة"، حسبما كتب بن جونسون، مدير أبحاث صندوق المؤشرات المتداولة العالمية في شركة مورننج ستار.
مديرو الأصول تَخلّوا عن أكثر من 3.5 مليار دولار من الدخل من خلال تخفيض الرسوم العام الماضي - ونحو 16 مليار دولار منذ عام 2014 - وفقا لشركة فلوسبرينج، شركة أبحاث إدارة الصناديق.
توصلت إلى أن المنتجات التي تقل فيها معدلات الإنفاق عن خمس نقاط أساس، قد نمت بمعدل أسرع 20 مرة من تلك التي تزيد على 20 نقطة أساس على مدار السنوات الخمس الماضية.
عمالقة صناديق الاستثمار مثل "بلاك روك" و"فانجارد" و"جي بي مورجان لإدارة الأصول"، و "فيديليتي للاستثمارات" و"تشارلز شواب" هم على وجه الخصوص من أجرى تخفيضا وحشيا على الرسوم.
تود روزنبلوث، كبير مديري صندوق المؤشرات المتداولة وبحوث صناديق الاستثمار المشتركة في شركة سي إف آر أي للأبحاث، يتوقع أن يقدم متعهدو صندوق المؤشرات المتداولة الآخرون رسوما سالبة، ويقول إنها علامة على مدى الصعوبة التي يواجهها اللاعبون الجدد في جمع الأصول.
"سيرفض البعض ذلك باعتباره وسيلة للتحايل وخدعة تسويقية"، حسبما يقول. وأضاف، "إنه جهد تسويقي، لكن هناك كثيرا من الجهود التسويقية التي ارتاح المستثمرون لها".
"سولت فاينانشيال" وهي شركة صغيرة تدير صندوق مؤشرات متداولة مقرها نيويورك، قدمت طلبا إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية قبل شهرين تحدد نموذج رسومها السالبة. وتتوقع أن يردها خبر ما إذا كانت الهيئة قد أعطت الموافقة.
"لو تروبيتا" صندوق المؤشرات المتداولة في السوق الأمريكية التابع لشركة سولت، عليه رسوم تبلغ 29 نقطة أساس، لكن الشركة ستقدم إعفاء من الرسوم أو خصما قدره 34 نقطة أساس، ما يعني أن المستثمر يحصل بشكل أساسي على خصم قدره خمس نقاط أساس.
سيطبق الإعفاء لأول 100 مليون دولار تستثمر في الصندوق، وللسنة الأولى على الأقل.
ألفريد إسكندر، رئيس شركة سولت فاينانشيال ومدير العمليات، يقول إن الشركة الواقعه في نيويورك قدمت العرض غير المعتاد بعد أن عانت في جذب الأصول إلى أول صندوق من صناديقها للمؤشرات المتداولة، الذي تم إطلاقه العام الماضي.
ويقول إن المستشارين اتصلوا به وكانوا مهتمين بالمنتج، لكنهم لم يتمكنوا من استثمار أموال العملاء لأن إجمالي الصندوق لم يصل إلى 100 مليون دولار.
وذلك، حسبما يقول، يرجع إلى اعتقادات خاطئة حول نقص السيولة في الصناديق الصغيرة وفرصة أكبر لإغلاق المنتجات الجديدة. "عندما بدأنا، لم ندرك مدى انغلاق واكتفاء السوق أمام مزودي خدمات جدد - أكثر من 80 في المائة من المستثمرين يعدون بعيدي المنال"، حسبما يقول إسكندر. ويقارن نموذج الرسوم السالبة مع مشغلي شبكات الهواتف المحمولة التي تقدم هواتف مجانية للعملاء الجدد، باعتبارها سلعة جاذبة كوسيلة لجذب صفقة طويلة الأجل. إنها تحافظ على العملاء مع أداء وخدمة قويتان بدلا من العرض الأولي للهاتف المحمول.
"مصدري صناديق المؤشرات المتداولة الجدد أمامهم خياران - يمكنهم بذل قصارى جهدهم للنجاة على مدار السنوات الست التي يستغرقها في المتوسط تحصيل 100 مليون دولار، أو يمكنهم تنفيذ أمر جذري أكثر يمكنهم من الحصول على تلك الملايين على نحو أسرع"، حسبما يقول.
ويضيف، "كيف يمكن أن يتنافسوا في سوق ليست ساحة لعب متساوية؟".
يقول روزنبلوث إنه بينما يشك في أن اللاعبين الكبار سيقدمون رسوما سالبة، إلا أنه يتوقع تنفيذ منافسين صغارا لذلك إذا كانوا يكافحون لاقتحام السوق.
"هناك مئات من صناديق المؤشرات المتداولة لها أكثر من ثلاث سنوات من التاريخ، ولكن أقل من 100 مليون دولار من الأصول. يبدو الأمر كخطوة منطقية لمدير الأصول - بدلا من التخلص من الصندوق، منحه الفرصة الأخيرة ليستعيد أنفاسه" حسبما أضاف.
ويتوقع أن تكون العروض ذات الرسوم السالبة مؤقتة، كما هو الحال مع شروط شركة سولت فاينانشيال. مع ذلك ، يشير إلى أن عديدا من المديرين يقدمون بالفعل إعفاءات من الرسوم، ويدفعون أيضا لشركات الوساطة المالية لتظهر على منصاتهم. "الرسوم السالبة ربما تكون من المحرمات في الوقت الحالي ولكنها امتداد منطقي" حسب قوله. وارن ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة فلوسبرنج، يتوقع أن تكون بعض عروض الرسوم السالبة دائمة وليست علاوات تمهيدية، فحسب. وكتب أخيرا: "ثمة أكثر من طريقة لقتل قطة وثمة أكثر من طريقة لتمويل صندوق"، مضيفا أن إقراض الأوراق المالية كان يجلب أموالا لبعض مديري المؤشرات أكثر من دخل الرسوم.
ويقول إن المديرين يمكنهم أيضا تقديم منتجات من دون رسوم أو ذات رسوم سالبة باعتبارها سلعة جاذبة، على أمل أن الاهتمام سيجذب المستثمرين إلى منتجاتهم الأخرى.
في العام الماضي تسببت "ميرسير" لاستشارات المعاشات في حدوث عاصفة من خلال اقتراحها على مديري الأصول أن يدفعوا إلى المستثمرين، لإدارة محافظهم الاستثمارية وتوفير ضمانات الأداء بدلا من كسب الرسوم بغض النظر عن العوائد التي قدموها.
ديفيش هندوتشا، الشريك في "ميرسير" كتب مقالة تفيد بأن المديرين النشطين ينبغي أن تكون لديهم "قوة تحمل في اللعبة"، بما يمكنهم من الاحتفاظ بمكاسب إضافية من اختيار الأسهم والسندات لوحدها، بعد تزويد العملاء بعائد مضمون إضافة إلى رسم سنوي ثابت.
أي نقص في الأداء سيسدده المديرون من جيوبهم الخاصة. "إذا كنت تؤمن باستراتيجية، فمن المؤكد أنك يجب أن تضع جزءا من رأسمالك فيها - لماذا لا يمكنك ذلك؟" حسبما يقول هندوتشا مجادلا: هذا سيساعد على استعادة الثقة بالمديرين النشطين.
في الوقت الحالي، على الرغم من الرسوم السالبة، فهي في المقام الأول وسيلة لكسب حصة السوق في الصناعة الوحشية البليدة.
ويضيف إسكندر قائلا: "داود احتاج إلى مقلاع لقتل جالوت، ونحن بحاجة إلى نموذج رسوم سالبة للدخول بالقوة في هذه السوق المناهضة للمنافسة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES