FINANCIAL TIMES

في الأرجنتين .. ترجيح نجاح مناورة «الدولرة» الأخيرة

في الأرجنتين .. ترجيح نجاح مناورة «الدولرة» الأخيرة

خلال الأسابيع الستة الماضية، مرت الأرجنتين بعديد من المحاور ذات الصلة بالسياسة الاقتصادية-النقدية، أكثر مما عرفته معظم البلدان في غضون عام. بيد أن مناورتها الأخيرة قد تكون ناجحة - على الرغم من شكوك مزعجة تساور عديدا من المحللين والمستثمرين.
هذا الأسبوع، أعلن البنك المركزي في البلاد أنه سيتدخل بشكل أكثر نشاطا في سوق العملات، الأمر الذي ينقض تعهده السابق بالسماح بتعويم البيزو، في نطاق معين. (تعويم مدار).
يقول البنك المركزي إنه يحتفظ لنفسه أيضا بحق بيع ما يصل إلى 250 مليون دولار يوميا، في حالة ضعف البيزو.
يخشى المتشككون من أن العودة إلى تدخل تقديري يمكن أن تؤدي إلى كارثة بالنسبة إلى الأرجنتين، وتضع البلاد على مسار تبديد مخزونها المتناقص من احتياطيات النقد الأجنبي، مرة أخرى، ولكن دون جدوى.
خلال العام الماضي، بدد البنك المركزي 16 مليار دولار من احتياطياته بين آذار (مارس)، وإعلان صندوق النقد الدولي في أواخر أيلول (سبتمبر)، أنه قد عزز برنامج الإنقاذ إلى 56 مليار دولار، إلا أننا شاهدنا العملة وهي تفقد أكثر من نصف قيمتها مقابل الدولار، خلال تلك الفترة .
في وجود إجمالي احتياطيات أجنبية تبلغ 72 مليار دولار - نحو 22 مليار دولار على أساس صاف - لا يوجد لدى البنك المركزي الأرجنتيني مجال كبير للخطأ.
في الوقت نفسه، يشعر المستثمرون بالقلق من احتمال أن تتمكن الرئيسة اليسارية السابقة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، من الإطاحة بالرئيس الحالي موريسيو ماكري في انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
قال والتر ستويبيلويرث، كبير مسؤولي الاستثمار لدى «بروتوفوليو بيرسونال إنفيرشنز»: «في صميم قلوبهم، يعتقد معظم المستثمرين أن الأرجنتين لن تنتخب دي كيرشنر مرة أخرى، لكنهم سيشعرون بالرعب إذا فعل الأرجنتينيون ذلك».
في الواقع، إذ لم يتبق وقت كبير قبيل الانتخابات، يعتقد كارلوس دي سوزا من "أوكسفورد إيكونومويكس" أن البنك المركزي يمكن أن يبدد ما يصل إلى 14 مليار دولار من إجمالي احتياطياته، في محاولة لدعم البيزو.
سيرتفع هذا الرقم إلى 18 مليار دولار - جل احتياطيات البلاد الصافية – حال تطلع السيدة فرنانديز إلى أن تكون الفائزة المحتملة.
لقد أيد صندوق النقد الدولي علنا القواعد الجديدة للبنك المركزي بشأن التدخل في سوق العملة، ولكن ما إذا كان الصندوق مستعدًا لتحمل أموال البنك التي تبددت بمثل هذه السرعة أم لا؟ يبقى سؤالا مفتوحا.
وقال فيدريكو كاون، رئيس قسم الأسواق الناشئة ذات الدخل الثابت لدى "يو بي إس" لإدارة الأصول في نيويورك: "ما يحاول البنك المركزي فعله هو محاربة عدم اليقين السياسي بالتدخل.
على أن المشكلة هي أنه لا يوجد لديه كثير من الذخيرة للدفاع عن أي شيء. ستنظر الأسواق في مستوى الاحتياطيات وفي مستوى سعر الصرف، فإذا بدأت الاحتياطيات في الانخفاض أكثر من اللازم، ستصيبهم حالة من الهلع". ومع ذلك يختلف الوضع اليوم عن الماضي من عدة جوانب، ما يرجّح تحقيق نتائج ناجحة بالنسبة إلى الأرجنتين.
من ناحية، لم يعد البيزو مبالغا في تقدير قيمته، حيث انخفضت قيمته بنسبة 58 في المائة مقابل الدولار، منذ بداية العام الماضي.
نتيجة لذلك، يبدو أن إمكانية حدوث أزمة عملة كبيرة أخرى مدفوعة بالأساسيات فقط، قد انخفضت كثيرا.
كما أشار دي سوزا: "يمكن في المقابل أن تعاني حدوث كثير من أزمات العملات على التوالي".
علاوة على ذلك، كان الأرجنتينيون قد حولوا مسبقا نسبة كبيرة من البيزوهات إلى دولارات. على ذلك، من المحتمل أن يقل تأثير "الدولرة" في مستوى البيزو، فيكون محدودًا.
في آذار (مارس) الماضي، استحوذ القطاع الخاص على أصول أجنبية بقيمة 1.8 مليار دولار، وفقا للبنك المركزي.
هذا بعيد كل البعد عن الأصول التي اشتراها بقيمة 4.6 مليار دولار، وأخرى 3.4 بقيمة مليار دولار في أيار (مايو) وتموز (يوليو) من العام الماضي، على التوالي. ما زال هناك نحو 25 مليار دولار موجودة في ودائع المصارف، ومنها يمكن تحويل ما يصل إلى عشرة مليارات دولار في نهاية المطاف إلى دولارات، وفقا لأنوبام داماني مدير الاستثمار لدى "نوفين".
في ظل دولرة القطاع الأسري بالفعل لنحو 93 في المائة من العملة في حسابات البنك المركزي – يحتاج القطاع إلى بيزوهات للمعاملات اليومية - يصبح من الصعب إيجاد مصادر جديدة ثابتة للطلب على الدولار.
وقال كارلوس كارانزا من بنك جيه بي مورجان إن الأرجنتين تقترب أيضا من الذروة في معروضها من الدولارات لهذا العام، مشيرا إلى أن المزارعين المحليين يشهدون حصادا قياسيا.
عندما يتم بيع هذه المنتجات الزراعية وتصديرها، يزداد عرض الدولارات في البلاد، ما يخفف الضغط على البيزو.
والأكثر من ذلك، يقول البنك المركزي إنه لا يخطط لتعقيم تدخلاته في سوق العملات، ما يعني أنه عندما يبيع الدولار لشراء بيزوهات، فإنه لن يعيد ذلك البيزو إلى التداول، ما يقلل من المعروض.
إن تقليص حجم الأموال التي تتدفق في النظام لن يؤدي إلى زيادة الطلب على البيزو فحسب، بل أيضا إلى ارتفاع معدلات الفائدة على المدى القصير، ولربما إلى انخفاض التضخم، وهذا أمر بالغ الأهمية إن كان لدى ماكري أي فرصة للتمسك برئاسته.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES