Author

توتر الأسواق ومصاعب الاقتصاد العالمي

|

لا تزال المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين متأرجحة. مرة يتحدثون عن تقدم، ومرة أخرى يشيرون إلى مصاعب كبيرة. والحق، أن هذه المفاوضات ليست سهلة، على الرغم من وضوح الموقف الأمريكي منها. وهذا الأخير يتلخص في أنه يتعين على الصين أن تمارس التجارة مع الولايات المتحدة بصورة عادلة، وأن تبتعد عن الإغراق، وأن تخضع منتجاتها لكل المعايير المطلوبة. يضاف إلى ذلك، أن العلاقة السياسية لم تكن جيدة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الصينية، رغم أنها شهدت بعض التحسن في مناسبات عديدة، أو على الأقل تحدث الجانبان عن علاقات جيدة قابلة للتقدم في كل المجالات. ومع تمديد المفاوضات التجارية المشار إليها، اعتبرت بعض الجهات أن الأمور تمضي للأحسن فيها، وأن الاتفاق سيكون حاضرا.
لكن الأمور لا تسير كما يتمنى الجانبان. هناك مشكلات ومعوقات في هذه المفاوضات، الأمر الذي ينذر بمواصلة الحرب التجارية بينهما، علما بأن معارك تجارية تجري بشكل هادئ بين الولايات المتحدة وعدد آخر من الدول بما فيها بلدان أوروبية. ومع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية مشددة على منتجات صينية تصل قيمتها إلى 200 مليار دولار أخيرا، اضطربت الأسواق المالية العالمية، بل ساد القلق على الصعيد السياسي حول العالم، لأن الساحة الدولية تنتظر بفارغ الصبر انتهاء المعارك التجارية، خصوصا مع تأكيدات جهات اقتصادية دولية كبرى، أن نمو الاقتصاد العالمي يتأثر سلبا بهذه المعارك، ناهيك عن الحرب التجارية الواقعة فعلا بين واشنطن وبكين.
وإذا ما دخل هذا القرار – التهديد - حيز التنفيذ فعلا، فإن الاضطراب في الأسواق سيصل إلى أعلى مستوى له. وبالفعل تعرضت الأسواق في منطقة آسيا في أعقاب الإعلان عن عزم واشنطن فرض هذه الرسوم الجمركية إلى صدمة كبيرة، وانتقلت الصدمة بصورة أقل إلى الأسواق الأوروبية، التي تعاني أصلا مشكلات مختلفة أخرى، بما فيها عدم وضوح الرؤية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويبدو واضحا أن ترمب ماض في تشديد الضغط على الصين بأي وسيلة ممكنة. وهو معروف بأنه ينفذ تهديداته العلنية دون تردد. ولهذا السبب أسرع المسؤولون الصينيون إلى البحث عن مخارج لهذه الأزمة، التي لم تعد ثنائية منذ زمن، وصارت واحدة من أكبر المشكلات التجارية على الساحة العالمية في الوقت الراهن.
والمشكلة الرئيسة، أن هذه المفاوضات مقرر لها أن تنتهي في آخر الشهر الجاري، أي أن هناك مساحة زمنية يمكن أن يتم فيها التوصل إلى اتفاق ما، إلا أن الموقف الأمريكي زاد الأمر تعقيدا، علما بأنه يمكن قراءته بوضوح على أنه وسيلة ضغط أكثر منها استراتيجية إجرائية جديدة. ويرى بعض المراقبين أن هذه الخطوة قد تكون حيلة، وتحدث عادة في مفاوضات صعبة، إلا أن ذلك يزيد من التوتر في الاقتصاد العالمي الذي يعاني عدم استقرار النمو أصلا. المهم أن الأيام المقبلة ستحمل كثيرا من الأحداث على صعيد المفاوضات التجارية الأمريكية-الصينية، حتى يتم بالفعل فرض الرسوم الجمركية الكبيرة التي هدد بها ترمب، سيسود التوتر الأسواق المالية العالمية، وبدا هذا واضحا من عزوف المستثمرين عن الأصول العالية المخاطر، في الأيام القليلة الماضية. العالم يتطلع بالفعل لاتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين على الساحة الدولية، وذلك حفاظا على استقرار الاقتصاد العالمي ككل.

إنشرها