FINANCIAL TIMES

قبل قمة بكين .. اتهام الصين بنصب فخ ديون في طريق الحرير

 قبل قمة بكين .. اتهام الصين بنصب فخ ديون في طريق الحرير

ستدافع الصين عن "مبادرة الحزام والطريق" التي طرحتها، ضد اتهامات بأنها توجد مصائد ديون، في الوقت الذي ترحب فيه برؤساء 37 دولة لحضور قمة في بكين هذا الأسبوع، في ذلك الخصوص.
من المتوقع أن يحضر نحو خمسة آلاف من المسؤولين الأجانب ووفود من قطاع الأعمال منتدى الحزام والطريق الذي يستمر يومين، الذي سيبدأ يوم الخميس المقبل في بكين.
تشمل قائمة الضيوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء إيطاليا جوسيبي كونتي، وهي أول دولة من دول مجموعة السبع، توافق على التوقيع على بند مهم ضمن السياسة الخارجية للرئيس الصيني شي جين بينج، تتعلق بممرات حزام تجاري بحري وإحياء طريق الحرير القديم.
وقبل هذا الحدث، منعت بكين المتنزهين من القرى القريبة الاقتراب من سور الصين العظيم، بينما يضع العمال أصص الأزهار بعناية على طول الطرق المؤدية إلى مكان انعقاد المنتدى على ضفاف البحيرة، الذي بلغت تكلفته مليار دولار. ومع ذلك، في هذا العام، يبحث ضيوف الصين عن أكثر من مجرد بذخ ظرفي.
ذلك أنه، حتى بين الدول التي أيدت مبادرة الحزام والطريق باتفاقيات سرية، تتزايد المخاوف من أن مشاريعها الفخمة لا يمكن أن تتحملها البلدان المضيفة.
لمواجهة الشكاوى، أضافت بكين هوامش جانبية تتعلق بالتمويل والتجارة.
وقال وانج يي، وزير الخارجية، إن بكين تخطط أيضا لتقديم تقارير مرحلية حول المشاريع الجارية بالفعل، فيما أنكرت أن المشاريع قد جلبت "أزمات ديون".
وقال للصحافيين: "إنه أمر حتمي أن تسبب مبادرة الحزام والطريق بعض المخاوف أثناء تطورها. لذلك نرحب بجميع الأطراف للتوصل إلى اقتراحات بناءة".
ووصف وانج مبادرة الحزام والطريق بأنها بديل "لتزايد الحمائية والنزعة الانفرادية"، في انتقاد لهجمات إدارة ترمب على المؤسسات متعددة الأطراف، وكذلك إجراءاتها التجارية ضد الحلفاء والشركاء التجاريين.
حتى الآن، وعلى الرغم من الرؤى العظيمة لـ"الترابط"، إلا أن برنامج مبادرة الحزام والطريق يقتصر على توجيه الاستثمارات الصينية إلى بلدان أخرى.
لم توضح بكين بعد ما إذا كانت تتطلع إلى إنشاء منظمة جديدة متعددة الأطراف، أو حتى منصة قد يتم بث القضايا الدولية فيها.
قال فيكتور جاو، وهو معلق على الشؤون الخارجية ومسؤول سابق في وزارة الخارجية :"ما هي مبادرة الحزام والطريق؟ هل هي مؤسسة دولية؟ أو أقرب إلى كونها هيكلا متراخيا مثل مجموعة الدول السبع؟ أم أنها مجرد منتدى؟ أعتقد أن هذا لم يحسم بعد". ويتوقع أن يصبح تنسيق مبادرة الحزام والطريق مؤسسيا بشكل أكثر في غضون الأعوام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة. بيد أنه أضاف: في الوقت الحالي: "ليست هناك رغبة شديدة في إنشاء هيئة دائمة". بدلا من ذلك ، يتعين على بكين أن تدافع عن نفسها ضد الاتهامات بأن مشاريعها الضخمة تشكل عبئا على البلدان، التي تعاني في الأصل الضعف المالي. مشاريع الفيل الأبيض في سريلانكا وأماكن أخرى جعلت الدول المضيفة أكثر حذرا حيال ما كان يعد فيما مضى استثمارات "مجانية".
تنخرط في هذا الأمر مبالغ ضخمة من التمويل، إذ سجلت وزارة التجارة الصينية 90 مليار دولار في الاستثمار المباشر في مشاريع الحزام والطريق، في الفترة من عام 2013 حتى 2018، وسلسلة مبادرات بقيمة 600 مليار دولار.
وقال بنك الصادرات والواردات الصيني، الذي يمول نحو ربع هذه المشاريع، إن لديه أكثر من تريليون رنمينبي (ما يعادل 149 مليار دولار) في شكل قروض مستحقة على مبادرات "الحزام والطريق".
قبل المنتدى، تفاوضت ماليزيا بشأن خفض سعر مشروع خط سكة حديد مثير للجدل، على طول ساحلها الشرقي موله بنك الصادرات والواردات الصيني، بحيث تتفادى إلغاء عقد بقيمة خمسة مليارات دولار، مقابل تنازلها عن حصة 50 في المائة من تشغيلها لشركة صينية.
كان المشروع، الذي وافقت عليه الحكومة السابقة التي تتعرض الآن لانتقادات بسبب الفساد، من بين المشاريع التي تعرضت للهجوم بسبب الإقراض غير المسؤول.
قال جاو إن الصين "متفاجئة" من الانتقادات التي تلقتها.
كما أن مسألة الديون تثير قلق صناع السياسة الصينيين، حتى وإن كان القليل من هذا النقاش يجري في الأماكن العامة.
ويشعر المنتقدون المحليون بالقلق من أن المشاريع غير المدروسة قد تورط بكين في صراعات داخلية على السلطة في الدول الأخرى لأعوام مقبلة، أو تترك الشركات الحكومية الصينية في الجانب الخطأ من التقصير الوطني.
في المقابل، يعارض المؤيدون قائلين إن الدول النامية كانت في قبضة القوى الغربية، قبل فترة طويلة من عرض الصين بناء مشاريع البنية التحتية.
في أيلول (سبتمبر) الماضي، أخبر لي يوشينج، نائب وزير الخارجية صحيفتنا، أن 10 في المائة فقط من ديون سريلانكا الخارجية البالغة 50 مليار دولار، كانت مستحقة للصين.
تولت شركة صينية تشغيل ميناء هامبانتوتا في سريلانكا الذي تبلغ قيمته 1.3 مليار دولار، بموجب عقد إيجار مدته 99 عاما، بعد أن تخلفت هذه البلاد عن سداد مدفوعاتها.
قال تشانج تشن شو، نائب المدير العام لقسم العملاء السياديين في بنك الصادرات والواردات الصيني: "ليس صحيحا" أن هذه المشاريع قد خلقت مصائد ديون.
المصرف مول أكثر من 1800 من مشاريع مبادرة الحزام والطريق، وفقا لسجلاته.
من بينها مسار قطار ثانوي طوله 26 كيلومترا في سريلانكا تم افتتاحه هذا الشهر. وسيربط في النهاية ميناء هامبانتوتا المعزول بشبكة السكك الحديدية في الجزيرة.
قال تشانج: "بعض الناس رأى أن الدولة المضيفة اقترضت دينا خارجيا، ثم فكروا في سرعة تراكم واستدامة الدين نفسه، بعدها ادعوا أن ذلك قد دفع البلد المضيف إلى فخ ديون. نستطيع أن نرى الفجوة بين منطقهم والحقائق".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES