Author

تكبير القلوب

|


يتهافت كثير من النساء على أطباء التجميل لتكبير شفاههن طلبا للجاذبية والجمال وكرمز للأنوثة العصرية، ويتهافت كثير من الرجال على النوادي الرياضية لتكبير عضلاتهم طلبا للجاذبية وكرمز للرجولة المعاصرة، هذه الخيارات الشخصية لا نملك حق التدخل فيها والجميل في الأمر أنه سواء كان هناك ضرر أو منفعة فالأمر مقتصر على صاحبه، لكن ما يحدث الآن من "تكبير القلوب" وشحن النفوس بالكراهية فإن ضرره سيمتد إلى المجتمع والوطن بأكمله.
- يتخاصم شقيق أو شقيقة لأسباب تافهة لا تستحق فيتدخل الأبناء والبنات وبعض الأشقاء "لتكبير القلوب"، ويبدؤون في نقل القيل والقال بينهما، وإحياء أحداث ماض مؤلمة اندثرت والتذكير بمواقف موجعة مماثلة سبق وحدثت، فيبدأ مستوى الاحتقان الداخلي في الارتفاع فتمتزج مشاعر البغض بمشاعر الرغبة في الانفجار بوجه الشقيق أو الشقيقة وحين يصل الأمر إلى هذه اللحظة ستشهد الأيام على تمزق العلاقات الأخوية وانهيارها للأبد ولن ينفع معها عمليات تجميل ولا ترقيع فما أسهل أن ترقع جلدا أو تنفخ شفاها! وما أصعب أن ترقع جرحا من عزيز وتنفخ الروح في علاقة شبه ميتة! لذا احذر أن تكون طرفا في عملية لقتل علاقة أخوية.
- يتخاصم زوج وزوجته فترحل لبيت أهلها تحمل متاعها مع كثير من خيبة الأمل، وينكفئ الزوج حزينا وحيدا في منزله، ثم يبدأ من حولهما في "تكبير القلوب"، فيقال لها "اتركيه.. احقريه.. لا تردي على اتصالاته.. لا تعتذري منه.. افضحيه عند أهلك" ويقال له "طلقها.. احقرها.. تزوج عليها.. اقهرها بعيالها"، وبدلا من مشاعر الاشتياق واللهفة التي سيشعران بها عند الفراق، ستتولد مشاعر الرغبة بالانتصار للنفس والانتقام وإذلال الطرف الآخر وإهانته، وبمرور الأيام ستؤتي عمليات النفخ الشيطانية أكلها وسيهرم الحب ويشيخ أمام هذه الضغوط وستردم صخور الكراهية كل طرق العودة المأمولة؛ لذا احذر أن تكون سببا في اهتراء علاقة زوجية كان يمكن أن تنفخ فيها الروح وتحيا فإبليس يبتسم فقط حين يفرق تلاميذه وأعوانه بين زوجين!
- يتخاصم موظف ومديره، جار وجاره ، بائع وزبائنه ، صديق وصديقه ... إلخ ، فيجتهد أصحاب النوايا السوداء في "تكبير القلوب" ولذلك أصبحنا نرى جرائم مروعة تحدث بسبب أسباب تافهة! توقفوا عن "تكبير القلوب" فإنها حين تثقب لا تترقع بسهولة و"ترى من حكى لك حكى فيك".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها