Author

الطاقة الشمسية أولوية للتنمية المستدامة

|


لا يوجد قلق على مستقبل التنمية المستدامة في المملكة، خاصة بما لديها من ثروات بشرية وطبيعية، مع رؤية واضحة وأولويات محددة ومدروسة. كما هو معروف، تهدف "رؤية المملكة 2030" إلى تقليل الاعتماد على البترول من خلال تعظيم القدرات الاستثمارية للمملكة، ورفع حجم الاقتصاد السعودي من المرتبة الـ19 إلى الـ10 الأولى على مستوى العالم، إضافة إلى رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 في المائة إلى 75 في المائة، ومن ثم الانتقال من المركز الـ25 في مؤشر التنافسية العالمي إلى أحد المراكز العشرة الأولى في العالم، ورفع مساهمة الناتج المحلي من 40 في المائة إلى 65 في المائة، ورفع الاستثمارات الأجنبية من إجمالي الناتج من 3.8 في المائة إلى المعدل العالمي 5.7 في المائة، علاوة على الاستثمار في العنصر البشري، وتخفيض معدلات البطالة.ولتقليل الاعتماد على النفط وتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي المتزايد من الطاقة، تستهدف "رؤية 2030" إضافة 9.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلي، مرحلة أولى، كما تستهدف توطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في الاقتصاد السعودي وتشمل البحث والتطوير والتصنيع وغيرها. وتأتي الطاقة الشمسية في مقدمة مصادر الطاقة المتجددة، خاصة أن المملكة تمتلك مقومات النجاح ابتداء من المدخلات مثل السيليكا والبتروكيماويات وانتهاء بالإمكانات المادية الضخمة، علاوة على الإرادة السياسية الحاسمة. وتنعكس هذه الإرادة على طرح مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة والبدء في تنفيذها من خلال تدشين مشروع سكاكا لاستغلال الطاقة الشمسية، الذي يمثل أول مشاريع البرنامج الوطني للطاقة المتجددة المنبثق من تلك المبادرة، ويهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة من إجمالي مصادر الطاقة المستخدمة في توليد الكهرباء في المملكة.
وعلى الرغم من الجهود المباركة والمشكورة في هذا المجال، إلا أن هناك حاجة ملحة إلى تسريع العمل وتحقيق إنجازات كبيرة تؤهل المملكة للوصول إلى الريادة في قطاع الطاقة الشمسية على المستوى العالمي، خاصة مع تزايد المنتجين لتقنيات الطاقة الشمسية من جهة، وتوسع سوق الطاقة الشمسية من جهة أخرى، نتيجة تزايد الرغبة لدى كثير من الدول لاستخدام الطاقة النظيفة والمستدامة. وما يعزز سبل النجاح ــ بإذن الله ــ أن المملكة تمتلك مقومات جغرافية مميزة، مثل المساحة الشاسعة، وساعات سطوع الشمس الطويلة، إضافة إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي في ملتقى القارات الثلاث "آسيا، وأوروبا، وإفريقيا"، وتوافر المواد الخام والإمكانات المالية الكبيرة. وبناء عليه، ينبغي ألا يكون تطوير الطاقة الشمسية ضمن الأولويات التنموية فقط، وإنما ينبغي أن يكون الأولوية كي تحتل المملكة "الريادة" ليس منتجا فقط، بل مصدرا لتقنيات الطاقة الشمسية من جهة، والطاقة الشمسية نفسها من جهة أخرى، وذلك للأسباب التالية:
1. يسهم تطوير الطاقة الشمسية في تقليل الاعتماد على البترول، خاصة مع تزايد الاستهلاك المحلي الذي يصل إلى أكثر من خمس الإنتاج تقريبا، ما يوفر كمية أكبر من النفط للتصدير، ومن ثم الاستفادة من عوائده في دعم الصناعة والمشاريع التنموية، وكذا الاستثمارات الخارجية.
2. انخفاض تكاليف الخلايا الشمسية، خاصة في ضوء العقود مع الشركات الصينية نتيجة لزيارة ولي العهد لشرق آسيا.
3. الطاقة الشمسية هي المجال الذي لا ينافس المملكة فيه أحد، خاصة مع وجود المساحة الشاسعة والموقع الجغرافي المملكة الذي يمنحها ساعات سطوع طويلة، علاوة على توافر المواد الخام، والإمكانات المادية الكبيرة للاستثمار في هذا المجال.
4. زيادة استخدام الطاقة الشمسية يحد من التلوث ويسهم في المحافظة على البيئة. وأخيرا، لتحقيق مستهدفات "رؤية 2030" في مجال الطاقة المتجددة، أقترح العمل على دعم ملموس لهذه الصناعة من خلال تأسيس شركة مساهمة تقوم على شراكة بين صندوق الاستثمارات والقطاع الخاص لتطوير تقنيات إنتاج الطاقة الشمسية، وإنشاء معاهد متخصصة لإعداد الكفاءات البشرية المطلوبة، وإدراج موضوع الطاقة الشمسية ضمن البرامج الأكاديمية في جامعات مختارة، بل يفضل إنشاء كلية للطاقة المتجددة في جامعتين على الأقل، ودعم البحث العلمي في هذا المجال، إضافة إلى إعفاء جميع المنتجات المستخدمة في إنتاج الطاقة الشمسية من القيمة المضافة لتحفيز النمو في هذا القطاع.

إنشرها