default Author

البستان البوهيمي

|


بدأت حكايته في تموز (يوليو) عام 1878 عندما أراد نادي البوهيميين في سان فرانسسكو تكريم أحد أعضائه المؤسسين "هنري إدواردز" الممثل المسرحي، بمناسبة انتقاله إلى مدينة نيويورك. ليتكرر هذا الحدث كل عام ويزداد تشعبا وغرابة، حيث يقصد أغنى رجال العالم وأكثرهم تأثيرا ونفوذا، عمالقة المال والاقتصاد، غيلان النفط، جهابذة السياسة، صناع القرار، ملوك الإعلام، سادة هوليوود وعدد من نجوم الفن والأدب والموسيقى مكانا معزولا يحتل أرضا واسعة تبلغ مساحتها 2700 فدان في عمق غابة السكويا في ولاية كاليفورنيا للتخييم!
يعرف ذلك المكان باسم البستان أو الحديقة البوهيمية، التي تغطيها أشجار السكويا العملاقة والأضخم على وجه الأرض، التي تعرف بديناصورات عالم النبات لضخامتها فطول بعضها يتجاوز 100 متر وقد يصل محيطها لأكثر من تسعة أمتار، أما أعمارها فتراوح بين بضع مئات وعدة آلاف من السنين. ما الذي يدفع كل هؤلاء البارزين والنافذين للتجمع في تلك الغابة ولمدة أسبوعين، ماذا يفعلون؟!
شغل هذا السر بال كثيرين على مدار عقود من الزمن وأثيرت حول هذا الموضوع الشكوك ونسجت الخيالات وكيلت الاتهامات، ولا أحد يعلم مدى صحة ومصداقية ما يحدث أو ما ينقله المتسللون إلى هناك من صحافيين وفضوليين! فالغرض المعلن هو التخييم والاستجمام لمدة أسبوعين. لكن هل يعقل أن يترك هذا العدد الكبير من الرجال المؤثرين في الاقتصاد والصناعة والفنانين والمشاهير وصناع القرار في أمريكا والعالم كل شيء وراء ظهورهم، طوال هذه المدة للاستجمام فقط وحرق هموم وهواجس عام كامل حسب طقسهم الرئيس المسمى بــــ "كريميشن أوف كير" وهو عبارة عن مسرحية تؤدى من قبل مجموعة كبيرة من أعضاء النادي وهم يرتدون ملابس غريبة تشبه ملابس الكهنة القدماء، أو أشبه ما تكون بزي عصابة كوكلوكس كلان العنصرية، وأحيانا يرتدون الملابس النسائية!
يرافق العرض كثير من المؤثرات الصوتية والبصرية على مسرح مفتوح تفصله عن الجمهور بحيرة مائية لجلب القربان وحرقه على المذبح أمام تمثال البومة، وتعد أيضا طقسا لإبعاد الشياطين عن المخيم وأشجار البستان. هذا هو المغزى الرسمي للمسرحية بحسب القائمين عليها. لكن أصحاب نظرية المؤامرة يجدون في تلك الطقوس رموزا ودلالات أخرى غير معلنة ، خصوصا أن البستان مغلق تماما وممنوع على العامة ويحرم على النساء دخوله، وعضويته تمنح ولا تطلب!
وعلى الرغم من أنه اشترط على مرتاديه عدم استغلال الوجود في البستان لعقد التحالفات السياسية والصفقات التجارية والمشاريع. لكن الواقع خلاف ذلك، فكثير من الصفقات الكبيرة تعقد هناك. ولعل أشهرها الاتفاق على مشروع مانهاتن النووي عام 1942، الذي قاد في النهاية إلى تصنيع القنبلة النووية.

إنشرها