Author

خير ضيف

|


يجمع شهر رمضان المبارك في تركيبته الفريدة كل معاني الخير والتراحم والمحبة والرحمة. يجد المسلم فيه لذة الطاعة ومساعدة المحتاج والبحث في ملكوت الله، مع امتناعه عن كثير مما يبعده عن هذا التأمل والبحث. ليس الامتناع عن الأكل والشرب والملذات الجسدية الأخرى الفارق الوحيد في هذا الشهر، وإنما ينظم لهذه التشكيلة الفريدة الامتناع عن مجموعة أكبر مما كان الناس يقتاتون عليه من الحديث فيما لا يفيد بل قد يضر، والنظر فيما لا يسر، والاستماع لكثير مما يشغل عن الطاعات.
رمضان شهر يتجدد فيه الإيمان، وتتجلى فيه ميزة التقوى التي تجعل الإنسان يمتنع عن كثير مما لا يعلم امتناعه عنه سوى خالقه سبحانه. وهو ما جعل الصوم لله وهو يجزي به. الأعمال الخيرية التي يشاهدها الناس قد يدفع إليها الواحد منا بحكم طلب الأجر، وقد يختلط ذاك بحب السمعة وهو ما يؤدي إلى بطلان كثير منها أو التقليل من الأجور التي يحصلها من يفعل هذه الأعمال الخيرية. أما الصيام فهو امتناع لا يعلم أحد مداه أو صدقه وهو بهذا من الأعمال التي ترسخ التقوى.
من هذا المنطلق يرجو الواحد منا أن يجد له من الأجر والقبول ما يرفعه عند الله. يأتي في السياق أن نعود للمبادئ الأساس التي تحكم الصوم عن كل المفطرات، ومنها أذى المسلمين أو الإساءة لهم أو التعرض لسمعتهم وأعراضهم بالبهتان والقول الذي لا يصح. هذه المخاطر التي عبر عنها نبينا الحبيب بقوله لمعاذ رضي الله عنه "وهل يكب الناس على مناخرهم، أو قال جباههم إلا حصائد ألسنتهم".
لكل من ينوي الصيام في هذا الشهر الفضيل دعوة للاستعاذة من الشيطان والمحافظة على اللسان واليد من البطش بالآخرين أو الإساءة لهم، وهم أمر سيجعل من رمضان شاهداً لنا بحول الله.
مقاومة التغيرات الجسدية الناتجة عن الصيام، وتغير العادات الغذائية التي ينتج عنها الحساسية المفرطة لدى كثير منا أمر لا بد أن يسيطر على اهتمامنا ويجعلنا في الوقت نفسه نقف مع رمضان وقفات التأمل والمحبة والتراحم التي ميزت الشهر الفضيل عبر القرون. أرجو أن يكون رمضانكم مليئاً بالطاعات ومقرباً لنا جميعاً من حب الله وحب كل من يحبهم الله.
وكل عام أنتم بخير.

إنشرها