Author

الاستهلاك في رمضان

|

شاهدت مقارنة بين سوق أمريكية تقدم تخفيضات كبيرة على التمور بمناسبة شهر رمضان، وإحدى أسواقنا التي رفعت الأسعار في هذا الشهر. الواقع: إن المقاربة للتعامل مع الشهر الفضيل غير متطابقة بين المنطقتين والسوقين، ذلك أن مسلمي العالم كله يبحثون عن التمور كوسيلة لتميز الشهر الفضيل عن غيره، وهي بهذا رمزية تربط الشهر بمولد الإسلام، فماذا عنا نحن أهل هذه المنطقة المباركة ببركة البيت الحرام والمسجد النبوي.
مقاربتنا المختلفة تجعل من هذا الشهر أعلى الأشهر استجلابا لعمليات الصرف غير المنضبط التي تتحول في النهاية إلى مخالفة الهدف الأساس من الشهر كشهر يتغلب الواحد فيه على رغباته الجسدية، وتنتصر فيه روح الابتعاد عن الاستهلاك والتركيز على العطاء.
لهذا كانت الشركات العاملة في مجال الأغذية تنتظر الشهر الفضيل لتصريف ما في مخازنها وعرض كل ما يمكن أن يفكر فيه الناس في هذا الشهر الفضيل تلبية للرغبات المتعلقة بالغذاء. ثم ينشط الجميع في التذكير بخطورة الإسراف وبعده عن المفهوم المطلوب تزكيته وتثبيته في أذهان وقلوب الكبار والصغار. تأتي من داخل المجتمع الذي يعيش حالة التركيز على محاولات الإقناع التي لا تلبث أن تنتهي بمجرد أن يقترب الشهر من الوصول فتتحول العملية إلى قضية تسويق غذائي في بداية الشهر، وإنفاق كسائي في أوسطه ثم عودة للاستهلاك الغذائي في أواخر الشهر بسبب قرب الأعياد والحاجة إلى نوع مختلف من الغذاء.
على أن الفرح بقدوم الشهر عام ويستدعي التوقف عن الاستهلاك غير المنضبط، والأهم في تغيير السلوك والثقافة العامة يأتي من خلال تغيير أنماط التفاعل المنتشرة في المجتمع بتغيير العادات الشخصية. لعل فكرة استغلال فترة ما قبل الإفطار في تعويد الأبناء على التعاطف مع المحتاجين مفيدة. ذلك أن القيام بتوزيع الإفطار في مواقع مختلفة لإعانة الصائمين يمكن أن تعقبها فترة من النشاط الديني البحت حيث يمكن أن يبقى الجميع في المساجد ليمارسوا شعائر القراءة والصلاة، وهم بهذا يتمكنون من الإفادة من فترة الإفطار التي تشهد القدر الأكبر من الإسراف في التحضير والمأكولات بالتوجه نحو كميات أقل وأكثر فائدة. العبرة التي أخذتها من سني المتابعة لما يمكن أن أعتبره الهجوم الشرس على الأسواق هي في عدم تغيير العادات الغذائية في رمضان فأنت تلغي وجبة واحدة وهذا ما يجب أن يركز عليه كل صائم بدلا من اكتشاف وجبات جديدة.

إنشرها