Author

«العاصوف»

|


حقق مسلسل العاصوف نسبة مشاهدة عالية بل إن المقدمة الموسيقية للمسلسل لا تزال لها نكهة وقابلية كبيرة لدى المشاهد في المملكة ودول الخليج. هذا المسلسل الذي تحول من ثلاثة أجزاء إلى جزأين يحكي مجموعة من المتغيرات والتجاذبات الفكرية والاجتماعية وأثرها في تشكيل البنية العامة لمجتمع الرياض خصوصا والمملكة عموما.
على أن الفروق بين مناطق المملكة أخذت تتلاشى منذ تلك الفترة بحكم ثورة الاتصالات والتواصل المتزايد بين أبناء ومناطق البلاد وبحكم الاعتماد المتبادل والحركة السكانية المرتبطة بالوظائف والاحتياجات العامة. يمكن القول: إن الفروق اليوم أصبحت محدودة إلى درجة كبيرة لكنها موجودة لأحكام الموروث الاجتماعي والبيئة والجغرافية والتاريخ في دولة شاسعة مثل المملكة.
تصوير هذا التراث بشكل درامي واحد من مهمات وواجبات الجمعيات الثقافية والوزارة التي تحتضنها، ولعل تركيز مسلسل أو أكثر على قصة معينة ورمزيتها للعموم يكون وسيلة غير معتمدة لتوثيق هذا التراث بالشكل العلمي والمنطقي.
هنا نحتاج إلى مزيد من الأعمال الدرامية التي تجسد التاريخ والمجتمع الذي فقد بعضه موقعه تماما بل إن كثيرا من أبناء اليوم لا يصدقون جزئيات كبيرة منه بحكم البعد التاريخي والثقافي عن تلك الفترات وهو ما نحن بصدده في هذا المقال. الأعمال التي تتمكن من الولوج إلى المنازل والعقول والقلوب ستكون أكثر قدرة على ربط الماضي بالحاضر والمحافظة على الإرث الثقافي والتاريخي لدولة مرت بكثير من التغيير على مر العقود الماضية فكيف لو تطور الوضع وأوجدنا برنامجا للحفاظ على التراث يتعامل مع القرون السابقة التي لم تحظ بحقها من الحفظ والصيانة؟
قد يأتي من يعترض على الفكرة من ناحية حساسية كثيرين تجاه المتعلقات التاريخية والمجتمعية، لكن الحاجة العلمية تؤكد أننا سنتجاوز هذه المراحل مع الوقت ونصل إلى حالة من التفاهم والتعايش والاحترام المشترك بالتدريج وبما يضمن حماية الإرث العظيم الذي يميز هذه الأرض وأهلها. يمكن أن نستشهد لأمر كهذا بما يتم إنجازه في بعض الدول المتقدمة من رصد علمي للوقائع التاريخية للدول وما أنتجه وما كون تركيبتها الحالية، هذا الأمر موجود في أغلب أوروبا وبعض آسيا وهو سابقة يمكن أن نبني عليها في البعد عن الحساسية بخصوص الموروث وهو جزء من الماضي، فقد يكون كثير من المكونات المجتمعية قد تجاوز سلبياته.

إنشرها