Author

التوثيق بالصورة والصوت

|

شاهدت المقطع المؤلم الذي يصور اعتداء أشخاص على مواطن وأسرته، حيث إنه كان يتجاوز كل ما تتوقعه من أشخاص عقلاء يحترمون الآخرين ويقدرون خصوصية الأسرة والمجتمع. هؤلاء لم يعترفوا بضرورة الابتعاد عن عورات الآخرين، ولم يحترموا وجود الزوجة، التي تعد من الممنوعات عند التعامل مع الآخرين في مجتمع كمجتمعنا.
ما نتج عن هذا المقطع من مراقبة وقبض على الشابين يؤكد مرة أخرى أنه لم يعد هناك مخبأ لمن يتجاوز على الآخرين أو يحاول أن يعتدي عليهم أو حتى يسيء إليهم باللفظ. التحذير من وجود الرقابة المستمرة – ومنها وجود هذه الكاميرات في كل الأجهزة التي نحملها - حافز للتوقف عن التجاوزات لمن يملك العقلية والمنطق الذي يحمي صاحبه من السقطات.
نشاهد اليوم كثيرا من التوثيق لكل شيء ونشاهد مناظر لم نكن لنشاهدها أو نشهد عليها في فترات سابقة. حتى إن الجهات الحكومية أوجدت آليات لحماية المعتدى عليه مهما كان بواسطة رصد كل ما يحدث في كل مكان. تصوروا أنه حتى مداولات المحكمة أصبحت موثقة، وبهذا يصبح على كل واحد منا مسؤولية حماية نفسه، وتصبح مسؤولية الجهات الرقابية والعقابية أسهل، وهي اليوم تعاون مع كل من يقدم لها إثباتا على أي تجاوز مهما كان نوعه أو حجمه.
المهم هنا أن نؤكد أنه مع انتشار هذه التقنية - وظهور مزيد منها - سينتشر المحترفون كذلك، والمحترفون في هذا المجال اليوم هم أكثر من تطلبهم السوق بسبب سيطرتهم على التقنية، وتمكنهم من كشف التجاوزات والخداع الذي يمكن أن يحدث بسبب انتشار هذه الآليات والأجهزة التقنية المعقدة.
انتشار المحترفين أدى وسيؤدي في حالات جديدة إلى تحوير الحقائق، وربط ما لا يربط واتهام من لا ذنب له في قضايا هو بعيد عنها، وهذا الخطر قائم وقادم لا محالة. لهذا نحتاج إلى سن قوانين تضمن عدم السماح لمن يمكن أن يستغلوا الأحداث ويحوروا الحقائق من تسيد المشهد والإساءة لمن لا ذنب له. الوسائل المتاحة لكشف صدق المقاطع أو الصور ليست متقدمة بمستوى وسائل الاختراق الموجودة، إضافة إلى انخفاض ثقافة بعض العاملين في المجالات الرقابية والعقابية بمستوى وخطر التهديد الذي تمثله عمليات الاختراق والتهكير من قلب للحقائق وتشويه للواقع. أمر لا بد أن يتم التعامل معه بالتوعية والتثقيف والتدريب الذي يتناسب مع حجم سيطرة هذه التطبيقات ومستخدميها.

إنشرها