Author

الموارد البشرية السعودية

|

في بدايات العمل التنموي في المملكة قبل عقود كانت الأيدي المتخصصة شبه نادرة، وكان الخيار الأفضل هو الاعتماد على أيدي عاملة في مجالات العمل المختلفة مؤهلة ومدربة من أجل تحقيق التنمية، ونقل الخبرات لتهيئة أجيال من أبناء المملكة لشغل هذه الوظائف مستقبلا. ومع مرور السنين وتقدم المملكة علميا ومهاريا أصبحت تملك بلادنا كوادر بشرية مؤهلة في جميع التخصصات؛ بفضل ما أولته حكومة هذه البلاد من اهتمام ورعاية بالتعليم والتأهيل وتوجيه قطاعات التوظيف لاستقطاب الكوادر الوطنية.
مع زيادة قدرات الموارد البشرية الوطنية أصبح لزاما على الجهات الحكومية أن تضع خططها الاستراتيجية لإحلال العاملين السعوديين، وتوفير فرص التوظيف والتدريب المستمر من أجل تحقيق الأمان الوظيفي لهم، وإيجاد الفرص لكشف المواهب والقيادات وتأهيلها لقيادة قطاعات العمل العامة والخاصة، وقد نجح شباب الوطن من الذكور والإناث في إثبات الجدارة لتولي مهام العمل في القطاعات كافة.
نجحت بعض القطاعات في تحقيق نسب سعودة عالية، في حين فشلت قطاعات أخرى في ذلك. عندما أشرفت مؤسسة النقد على موضوع توطين وظائف القطاع المصرفي حققت نجاحا كبيرا من خلال إلزام الشركات المصرفية بتحقيق نسب سعودة عالية. يعمل في القطاع المصرفي اليوم أكثر من 49 ألف موظف، نسبة السعوديين 92 في المائة (78 في المائة من الذكور، و14 في المائة من الإناث)، كانت تجربة مؤسسة النقد ناجحة عندما ألزمت المصارف بتوطين الوظائف. 
في القطاع الحكومي أيضا يعمل في الدولة نحو 1.2 مليون موظف "95 في المائة من السعوديين"، ويعمل نحو 67 ألف غير سعودي في هذه الوظائف، يسيطر القطاع الصحي على نسبة 69 في المائة من هذه الوظائف، يليه التعليم العالي بنسبة 23 في المائة.
قبل نحو عقدين من الزمان ظهرت موجة شركات تشغيل الموارد البشرية، التي تتعاقد مع الجهات الحكومية أو الخاصة لتوفير كوادر بشرية للعمل في تلك الجهات من خلال عقود تشغيل، أثرت في توفير الوظائف وفي توطين العاملين. وأصبح كثير من الجهات يلجأ لهذا الأسلوب لتجاوز أنظمة الخدمة المدنية واشتراطات التوظيف. 
مطلع هذا الأسبوع أصدر المقام السامي توجيها للتأكيد على الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات الحكومية أو المملوكة للدولة، بالالتزام بتوظيف السعوديين في المهن التي تتطلب وجودهم فيها، وأن يتم الإعلان عن الوظائف الشاغرة أو المشغولة بأجانب قبل التعاقد عليها، ومنع التعاقد مع شركات التوظيف لغرض توفير وظائف مؤقتة أو غير مشمولة في بيانات الوظائف الحكومية. 
لا شك أن هذا التوجيه الكريم سيكون له دور- بإذن الله- في توطين الوظائف، وتمكين الجهات الرقابية من مراقبة الالتزام من قبل الجهات المستهدفة. ويظل هاجس معالجة البطالة التي تبلغ 12.8 في المائة بين السعوديين في ظل وجود مخرجات تعليمية جيدة، وتحتاج إلى تدريب على رأس العمل. حتى يتحقق ذلك فإن إسناد مهام الموارد البشرية، وتسكينها يجب أن يتما من خلال خطط تتبناها جهة حكومية تدمج بين وزارتي الخدمة المدنية والعمل لتنظيم سوق الموارد البشرية في المملكة، وإسناد مهام الرقابة للقطاعات المختلفة مثلما تولت ذلك مؤسسة النقد سابقا، ما سيكون لذلك دور كبير في متابعة سوق العمل وتوطين الوظائف بشكل يحقق الأهداف.

إنشرها