Author

تصدر المجالس

|


سيطرت أخبار حوادث الطائرات الثلاث من «بوينج» طراز «737 ماكس» على القنوات والندوات والمنتديات وحتى الديوانيات. اكتشفت أن صاحبي - الذي لم أتوقع معرفته بالطيران - أصبح خبيرا في طائرة«737 ماكس»، والشركات التي تشغلها والعيب المصنعي الذي أدى للكوارث الثلاث، وما العمل بشأن معرفة نوع الطائرة التي ستقلك في رحلتك المقبلة؟
الحق أن كل واحد مهتم بسلامته، إنما أعتبر ما حدث مع صديقي نقلة نوعية كبرى في أسلوب تعامله مع الحادثة. تمنيت لو أنه يتعامل مع كل شيء بالعناية والاهتمام نفسهما، " وأتوقع أن يفعل " مادام شاهد كم الناس الذين أصبحوا يسألونه عن كل شيء يخص هذه الطائرة وما حدث لها وكيف نتخلص من حجوزاتنا على الشركات المشغلة لها؟
المشكلة الحقيقية هي في أن صديقي - باعتباره عربيا حتى الثمالة – حقق في الحادث ووصل للنتائج التي تبناها بناء على آراء ومقالات صحافية لا يمكن أن نعدها مرجعا في أمور تقنية بحتة كهذه، على الرغم من أن الناس يتأثرون بأول من يتحدث وأول ما يشاهدون.
استغرق البحث في الأسباب والنتائج للشركة فترة ترسخ خلالها مجموعة من القناعات لدى كل من يتابع "سوالف المجالس" عن الطائرة، وهي مثالنا اليوم عند الحديث خارج الفن. فقد قال العرب قديما: من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب.
يصدق المثل على كثير ممن نتعايش معهم اليوم، وهذا الواقع يجعلنا نراجع أنفسنا قبل أن نصدق ما يقال في المجالس، لأن من يتحدث جزافا لا يعلم أثر كلامه في متابعيه. المؤلم أن قصة الطائرة قد تنطبق على حالات أخرى طالتها يد غير المختصين والمطلعين لتقدم لنا صورة مشوشة عن واقع لا علاقة له بتلك الصورة.
لهذا كان مثل الشافعي، خير صديق لمن بلغوا درجة من العلم والحلم حين يقول: ما ندمت أن سكت أبدا، ولقد ندمت كثيرا أن تحدثت. بهذا أصبح كل ما قاله الشيخ موروثا محترما لدى الآخرين. هذه هدية لكل من يحب أن يتصدر المجالس ويكون المرجعية في كل شيء لأنهم في الغالب سيضطرون لقول شيء يعلمون أنه ليس بالحق، وليس المؤمن بكاذب في أي حالاته.

إنشرها