Author

حين يصوم العقل

|


مع اقتراب نفحات شهر رمضان بأيامه المباركة ولياليه الروحانية تبدأ رحلة الاستعدادات لاستقباله، حيث تقوم كثير من الأسر كما جرت العادة باستقباله بشراء الفوانيس والمفارش والأواني و"المقاضي" الرمضانية، ولذلك من الطبيعي أن نشاهد هذه الزحمة غير الطبيعية قبل دخول هذا الشهر المبارك في الأسواق والمولات و"السوبر ماركات"، هذا الهوس غير المبرر بالطعام والأكل المقلي والمشوي و"المحمر والمشمر" وأطباق الحلوى و"الحلا" والفطائر والكعك دفع بالمجتمع إلى تبني مفاهيم خاطئة انحرفت بهذا الشهر عن معانيه الروحانية العظيمة، حين تظل عاما كاملا وأنت " تحشو " بطنك بكل أنواع الطعام غير الصحي والوجبات السريعة و" المفاطيح " ثم تكمل الكارثة بتخصيصك شهر رمضان كماراثون للأطعمة المقلية والدسمة والحلويات فأظنك في مأزق صحي حقيقي لن تصمد طويلا قبل أن ترى آثاره السيئة، ولو كان لمعدتك صوت بعد الإفطار في رمضان لسمعتها وهي تصرخ بألم "تكفى.. خلاص ما عدت قادرة على إفراز أنزيماتي عطني شوية وقت"!
تحدث بعض العلماء سواء من الشرق أو الغرب مسلمين وغير مسلمين عن فوائد رمضان الصحية للجسد كحمية سنوية تطهره من رواسب عام كامل وتقوم بفلترته من السموم حين يتم تطبيق الصيام الحقيقي، واليوم يتحدثون بكثير من الدهشة عن فوائد صيام العقل هل سمعتم فيه؟
يقول مارك ماتيوس عالم الأعصاب في جامعة John Hopkins عن فوائد الصيام العقلي أنه مدهش للجهاز العصبي، حيث يقوم بتخفيف نوبات الصرع عن طريق تخفيف الكهرباء الزائدة في الدماغ، كما أنه يحسن الوظائف الإدراكية، ويزيد إنتاج البروتين في الدماغ، كما يحفز الخلايا العصبية والتي بدورها تؤدي إلى تحسين الذاكرة والقدرة على التعلم، حين تصوم عقليا فأنت تتوقف عن تبرير أفعالك للآخرين فتريح عقلك من الدخول لمتاهات البحث عن أعذار لأناس لن يرضوا عنك ولو أحضرت لهم القمر بيدك، وحين تصوم عقليا فأنت تتوقف عن تشتيت ذهنك بأحداث الحياة من حولك وملاحقة الأمور السيئة كأخبار الكوارث في العالم والمسلسلات الدرامية والأشخاص السلبيين، حين تصوم عقليا فأنت تمنح نفسك فرصة للاسترخاء والتأمل الذهني والبحث عن الأمور الإيجابية التي تدفعك نحو الحياة السعيدة، وأفضل حمية للصيام العقلي هي الجوز والتوت البري والأفوكادو والبروكلي !
اقرأ عزيزي القارئ عن الصيام العقلي قبل أن تحشو عقلك بمقالب الكاميرا الخفية " اللي ترفع الضغط " وبمسلسلات رمضان المعروفة بالدراما والعنف والدموع و"شركة المرحوم"! وقبل أن تجبر عقلك و معدتك أن يصرخا معا "عطنا break يا أبو الشباب"!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها