FINANCIAL TIMES

خطوط العالم المالية النابضة تنادي بمغادرة لندن

خطوط العالم المالية النابضة تنادي بمغادرة لندن

خطوط العالم المالية النابضة تنادي بمغادرة لندن

في الشهور الـ33 التي انقضت منذ تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبي، باشرت آلاف من شركات الخدمات المالية التي تقع مراكزها الأوروبية في لندن تقييم خياراتها.
كثير منها استنتج أن التعطيل المحتمل من "بريكست" يعني أنها بحاجة إلى التوسع في أماكن أخرى في الاتحاد الأوروبي، متوقعة فقدان حقوق جواز السفر التي تسمح لها بالوصول إلى العملاء في أنحاء أوروبا كافة.
توصل بحث نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن أكبر البنوك الدولية في الحي المالي في لندن، نقلت أقل من 1500 وظيفة من بريطانيا في الفترة التي سبقت "بريكست"، وكان ذلك أقل بكثير من التقديرات الأصلية في كثير من الأوساط.
في حين إن عددا قليلا نسبيا من الأشخاص انتقلوا حتى الآن، إلا أن المنافسين للحصول على تاج لندن بصفتها المركز المالي لأوروبا كانوا يتزاحمون لاجتذاب مزيد من الهاربين عقب "بريكست".
حتى الدفعة الحالية من الوافدين الجدد تثير القلق بشأن الضغط التصاعدي على أسعار العقارات والمنافسة الإضافية على أماكن في المدارس الدولية.
فلنسمع كيف ستكون نتائج "بريكست" على أرض الواقع، من عواصم عدة:

ديفيد كيوهان من باريس
ستيفانو بيتريشا يتذكر المكان الذي كان فيه عندما أدرك أن شركته الناشئة لإدارة الأصول القائمة في لندن، قد تضطر إلى حزم حقائبها والتوجه إلى القارة.
قال بيتريشا أثناء إعداد حياته الجديدة "كنت أشاهد الاستفتاء على التلفزيون المحلي... وفهمت على الفور أن الأمور تجري في الاتجاه الخاطئ، على الفور".
المواطن الإيطالي البالغ من العمر 53 عاما هو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيتريشا آند كو كابيتال لإدارة الأصول بقيمة 700 مليون يورو، أسسها في لندن قبل أربعة أعوام.
للحماية من التعطيل المحتمل من "بريكست"، بدأ التخطيط للانتقال إلى القارة بمجرد ظهور نتيجة الاستفتاء. سرح حفنة من الموظفين واقتلع جذور حياته، من خلال شطب تكلفة الحصول على التراخيص في بريطانيا.
اختار باريس بسبب معالمها الثقافية المهمة، فضلا عن بنيتها التحتية القائمة للأسواق المالية وروابط سفرها الوثيقة إلى لندن.
انتقاله إلى العاصمة الفرنسية كان له صدى في البنوك وشركات إدارة الأصول الأكبر، حيث إن "سيتي جروب" و"بنك أوف أمريكا" و"جيه بي مورجان تشيس"، وشركة بلاك روك ومجموعة أخرى ستنقل عملياتها إلى هناك. انجذبت هذه الشركات إلى باريس جزئيا بسبب عرض منخفض الضرائب قدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
قال أرنو دي بريسون، رئيس مجموعة باريس يوروبليس للضغط الفرنسية لمصلحة الشركات، التي تقدر أن نحو 20 ألف وظيفة ستنتقل إلى هناك من لندن "شهدنا تسارع انتقال الفِرق إلى باريس... لا تزال هناك عوامل لبس ولا يزال الناس ينتظرون، لكن الخطط موجودة وتم تثبيت الفِرق الأولى".
هذه التحركات تدفع بأسعار العقارات إلى الأعلى وتغذي المنافسة على الأماكن النادرة في أفضل المدارس الدولية في المدينة.
قالت شارلين أفينيل، التي تدير أربع مناطق مدرسية رئيسة في أنحاء باريس، بما في ذلك فرساي، "تمكنا من زيادة عدد الأماكن المدرسية في باريس بمقدار ألف لتصبح قريبة من 11500 مدرسة".
قالت أفينيل، "بدأ التخطيط قبل عامين، بعد الاستفتاء"، مشيرة إلى افتتاح مدرسة جديدة لديها قسم دولي في كوربفوا بالقرب من حي لا ديفانس التجاري، التي ضمنت أماكن مدرسية لموظفي الهيئة المصرفية الأوروبية عند انتقالها من لندن إلى باريس.
مساحة المكاتب الرئيسة في وسط باريس نادرة في الأصل، ولم يكن من شأن "بريكست" سوى زيادة الضغط.
قال فيليب بيريلو، شريك في باريس مع شركة نايت فرانك، "في المناطق الأكثر طلبا في باريس، "تبلغ معدلات المساحات الفارغة أدنى مستوى بنسبة 1.7 في المائة".
ينطبق الشيء نفسه على الشقق الراقية. قالت ماري هيلين لوندجرين، التي تعمل في شركة بيل ديمير دي فرانس المتخصصة في العقارات الفاخرة، "هناك ندرة في السوق... في المناطق الإدارية الكلاسيكية، مثل المنطقة الـ16، مع مخزون جيد من شقق هاوسمان، بعضها مع حدائق، وقريبة من المدارس الجيدة، وارتفعت الأسعار بأكثر من 5 في المائة منذ "بريكست.
كانت مشغولة جدا بسبب الطلبات من المصرفيين الذين ينتقلون من لندن إلى باريس".
بيتريشا نفسه يبحث عن شقة في باريس وعلى الرغم من أنه "يبتهل إلى الله من أجل إجراء استفتاء ثان"، إلا أن انتقاله الآن ثابت. "أتعرف لماذا؛ لأنه كان علي البدء بإعداد المحامين والمحاسبين للانتقال قبل عام".

أولاف ستوربيك
من فرانكفورت
في مقاهي وحانات الحي المالي في فرانكفورت الذي يحيط بدار الأوبرا القديمة في المدينة، يطغى على الحديث عن "بريكست" موضوع مختلف مثير للجدل بالقدر نفسه: محادثات الدمج بين "دويتشه بنك" و"كوميرزبنك".
يقع المقر الرئيس لكلا البنكين في المدينة الألمانية، ومن المتوقع أن يسرحا عشرات الآلاف من الموظفين إذا تم المضي قدما في الصفقة.
على المدى الطويل، من المرجح أن يؤثر "بريكست" في فرانكفورت بشكل أساسي أكثر من استحواذ "دويتشه بنك" المحتمل على "كوميرزبنك". في الوقت الحالي، لم يتغير كثير في المدينة الناعسة التي يسكنها 730 ألف نسمة.
منذ التصويت على "بريكست" في عام 2016، عزز أكثر من 45 مؤسسة مالية أو مصرفية وجوده في ألمانيا، والغالبية العظمى منها تختار فرانكفورت – بما في ذلك أمثال بنوك جولدمان ساكس وجيه بي مورجان وستاندرد تشارترد.
"فرانكفورت هي الخيار الأول للبنوك بسبب "بريكست"، كما قالت جيرترود تراود، كبيرة الاقتصاديين في بنك هيلابا القائم في فرانكفورت المملوك للدولة، الذي يتتبع العملية عن كثب.
من المتوقع أن يرتفع إجمالي الأصول التي تحتفظ بها البنوك في المدينة بأكثر من الخُمس هذا العام، حيث تنقل عدة مئات المليارات من اليورو من لندن.
حجم المقاصة للمشتقات المقومة باليورو مثل مقايضات أسعار الفائدة – نحو الصفر عندما صوتت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي – ارتفع أكثر من عشرة أضعاف العام الماضي وحده.
قال يواكيم وويرميلنج، عضو مجلس إدارة في البنك المركزي الألماني، "إن البنوك في الوقت الحالي لا تنقل سوى أدنى حد ممكن من الوظائف من لندن إلى فرانكفورت، التي تحتاج إليها لإرضاء الهيئات التنظيمية".
وقال "ستكون هناك موجة ثانية، أما في الوقت الحالي فمن الصعب جدا تقييم إلى أي مدى ستكون كبيرة". كان معظم البنوك يوظف محليا أي وظائف إضافية في فرانكفورت.
قال موظف مقيم في فرانكفورت في بنك استثماري أمريكي كبير "لدينا عدد من الموظفين على استعداد للانتقال على الفور في حال حدوث "بريكست" صعب، لكن حتى الآن لم يقدم أحد على هذه الخطوة".
العاصمة المالية في ألمانيا، التي تفتقر إلى الضجيج العالمي في لندن أو الهالة الثقافية في باريس، لم تفعل كثيرا لجذب البنوك. العمدة بيتر فيلدمان، الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط، يتجنب هذا القطاع. مع ذلك، وعدت الحكومة الفيدرالية في برلين بجعل تسريح كبار الموظفين ذوي الأجور العالية أسهل على البنوك.
في حين إنها مدفوعة جزئيا بـ"بريكست"، إلا أن الطفرة في سوق العقارات التجارية والسكنية في فرانكفورت، ناتجة بشكل رئيس عن انخفاض أسعار الفائدة والاقتصاد المحلي القوي خارج القطاع البنكي.
ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 58 في المائة منذ عام 2014، وارتفعت الإيجارات التجارية للمساحات المكتبية المميزة في المواقع الرئيسة بنسبة 7.3 في المائة العام الماضي وحده، وذلك وفقا لشركة بي إن باريبا للعقارات.
التوقعات بوصول عشرات الآلاف من الوظائف المالية الإضافية تراجعت. آخر تقديرات بنك هيلابا تشير إلى أنه بحلول نهاية العام المقبل، سيرتفع عدد الموظفين العاملين في البنوك الأجنبية بنحو ألفين ليصبح نحو 4500 شخص.

آرثر بيسلي من دبلن
كانت دبلن في قبضة أزمة مالية حادة عندما غادر باري مانجان العاصمة الإيرلندية إلى لندن قبل عقد من الزمن. بحلول الوقت الذي عاد فيه المسؤول التنفيذي في بنك جيه بي مورجان تشيس العام الماضي، كانت العاصمة الإيرلندية تزدهر مرة أخرى وتستعد لتدفق من المصرفيين بسبب "بريكست".
مانجان، في منتصف الثلاثينيات من العمر، هو كبير الإداريين للمخاطر في وحدة المدفوعات في بنك جيه بي مورجان في المركز المالي في منطقة الميناء في دبلن. انتقاله لم يكن مرتبطا بشكل مباشر بـ"بريكست". لقد جاء مع زيادة القلق من أن تدفق المصرفيين سيضغط على العقارات والأماكن المدرسية.
بيانات من وكالة الاستثمار الحكومية تشير إلى أن المشاريع المتعلقة بـ"بريكست" ستوفر أكثر من خمسة آلاف وظيفة في الاقتصاد المتسارع في الأصل.
رغم أن مانجان سمع "قصصا مروعة" عن سوق الإسكان المحمومة في دبلن، إلا أنه وزوجته تمكنا من شراء منزل بعد ستة أشهر "استغرق الأمر بعض الوقت دونما جنون".
عشرات الشركات جعلت دبلن مركزها في الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا لمغادرة التكتل، وهذا لا يظهر أي علامة على التباطؤ.
ذكرت شركة إرنست يونج للتدقيق أن 28 مجموعة خدمات مالية التزمت بنقل الموظفين أو العمليات إلى دبلن منذ الاستفتاء في عام 2016. من بينها، مجموعة سيتي جروب، وبنك أوف أمريكا، وبنك باركليز، وشركتا ليجال آند جنرال وأكسا.
أكثر من 100 شركة سعت إلى الحصول على تصريح من البنك المركزي الإيرلندي للعمل في البلاد، وقالت الوكالة "إن هناك 70 استثمارا جديدا ترتبط بشكل مباشر بـ"بريكست"، كثير منها خارج القطاع المالي".
قال جون ماكارتني، مدير الأبحاث في شركة سافيلز آيرلاند لوكلاء العقارات، "إن كثيرا من الشركات يؤسس نفسه في دبلن مع فِرق صغيرة: إنها تستكشف المدينة، لتعرف كيف سيتطور الأمر... إذا دعت الحاجة فستكون في وضع يمكنها من التوسع".
وليم تيجي، مدير وكالة دويلويركس الدولية المتخصصة في مجال النقل، أفاد عن "ارتفاع مستمر" في الأعمال بسبب "بريكست"، مضيفا أن الارتفاع في "عمليات النقل الممكنة" كان بالآلاف.
الأماكن نادرة في المدارس الحكومية الإيرلندية، ما جعل كثيرا من الناس يلجأون إلى المؤسسات التي تستوفي الرسوم. قال تيجي "نشهد مزيدا من الدخول إلى المدارس الخاصة والمدارس الدولية نتيجة وصول هؤلاء المنقولين".
الإيجارات مكلفة، حيث الأسعار في ضواحي دبلن الأكثر جاذبية تعادل الأسعار في لندن أو باريس.
ارتفاع التضخم في أسعار المنازل المترسخ بعد الأزمة يتراجع الآن. ارتفعت الأسعار السكنية بنسبة 5.6 في المائة في العام المنتهي في كانون الثاني (يناير) الماضي، حيث تباطأت من 11.8 في المائة في الأشهر الـ12 السابقة.
يشعر مانجان بالسعادة بالعودة إلى دبلن، حيث قال "إن الزملاء غير الإيرلنديين الذين انتقلوا إلى هناك متفاجئون بشكل سار عموما من مدى حيويتها وكم هي نابضة بالحياة".

ديفيد كراو من أمستردام
بالنسبة إلى هارم بوتس، الرئيس الجديد لمكتب بنك اسكتلندا الملكي المتوسع في أمستردام، فإن أحد أفضل الأشياء بشأن المدينة الهولندية هو قربها من لندن.
"يمكنني أن أستيقظ في أمستردام وأستقل رحلة الساعة السابعة إلى مدينة لندن، ويظل بمقدوري أن أكون في المكتب بحلول الساعة الثامنة صباحا. أصل قبل زملائي الذين يستخدمون وسائل النقل في لندن، أحيانا"، كما قال بوتس، الذي عاد إلى المدينة التي غادرها قبل 14 عاما، بعد فترات عمل في طوكيو وكوالالمبور ولندن.
بوتس، الذي يدير فرع "ناتوست ماركتس" الهولندي التابع لبنك اسكتلندا الملكي، ضمن مئات المصرفيين الذين يغادرون المملكة المتحدة للعمل في كيانات أوروبية جديدة، تم إنشاؤها لكي تتمكن المصارف من مواصلة خدمة العملاء في أنحاء المنطقة كافة بعد "بريكست".
كثير من الذين يتركون بريطانيا في الموجة الأولى من المغادرين مثل بوتس: مواطنون أجانب من أوروبا يعودون إلى بلدهم الأصلي.
المسؤول التنفيذي في بنك أسكتلندا الملكي، الذي عاش في لندن لمدة سبعة أعوام حتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قال "إنه سيفتقد ثقافتها العالمية. أنا أحب لندن. إنها مدينة سريعة، وعندما أفكر في الأحداث والمعارض، إنها رائعة. الخبر السار هو أنني لا أزال هناك في كثير من الأحيان. وتستطيع العائلة العودة لرؤية الأصدقاء".
الموقع المرغوب والمطار الدولي ذو الموقع المريح في أمستردام – الذي يقع على بعد سبع دقائق بالقطار عن المركز المالي – هما من بين الميزات الرئيسة فيها، ما يجعلها متصلة بشكل جيد بالمراكز المالية الأخرى مثل فرانكفورت ومدريد وباريس.
رغم مزاياها، بما في ذلك حقيقة أن اللغة الإنجليزية تستخدم على نطاق واسع، إلا أنه من غير المرجح أن تصبح أمستردام مركزا للخدمات البنكية الاستثمارية.
أحد العوامل التي تحول دون ذلك هو القاعدة التي تحدد مكافآت المصرفيين بنسبة 20 في المائة من الراتب الثابت – في الواقع عُشر ما يكسبه آخرون في بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي.
مع ذلك، كثير من مجموعات التداول - بما في ذلك بنك سي بي أو إي يوروب ومنصة تركواز في بورصة لندن - اختارت أمستردام كمركز لها لما بعد "بريكست"، كما فعل المصرف الياباني "إم يو إف جي".
إن توسعها يهدد بتغذية التضخم في أسعار العقارات المرتفعة في الأصل. في عام 2017، تمت إضافة المدينة إلى مؤشر فقاعة العقارات العالمية في بنك يو بي إس، وتحتل الآن المرتبة السابعة بعد لندن ونيويورك من حيث نسبة متوسط أسعار العقارات إلى الدخل.
استجابت بلدية أمستردام من خلال اقتراح حظر على العقارات الجديدة التي يتم تمويلها بالقروض العقارية للشراء من أجل التأجير، الذي يستهدف الملاك الذين يسعون إلى تأجير الشقق في مواقع مثل إيربنب. هذا الإجراء يهدد أيضا بالحد من توفير السكن للعاملين الذين ينتقلون إلى أمستردام.
قال كليفورد إيبراهامز، كبير الإداريين الماليين في بنك أيه بي إن آمرو ABN Amro، "المدينة مليئة نسبيا، وهناك حديث عن ضريبة سياحية. سوق الإسكان مرهقة في الأصل، ويشعر الناس بالقلق بشأن حصول أطفالهم على العقارات الجيدة".

راشيل ساندرسون
من ميلانو
ديفيد سيرا، مؤسس شركة الاستثمار سريعة النمو بقيمة 12 مليار دولار في لندن، أحد أشهر العائدين إلى ميلانو منذ تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي.
الرجل البالغ من العمر 48 عاما غادر ميلانو وهو في الـ22 من العمر، بعد فوزه بمكان في النظام البريطاني لتدريب الخريجين في واربورج، ولم ينظر إلى الوراء أبدا. طبعا إلى أن حدث "بريكست".
قال سيرا "لدي خطط للطوارئ. يمكنني نقل أي شخص إلى أي منطقة اختصاص قضائي رئيسة، اعتمادا على ما سيكون عليه "بريكست". أنا أرجو حصول الأفضل لكنني مستعد للأسوأ".
وقال "إن قراره للانتقال مع زوجته وأطفاله الأربعة إلى ميلانو من لندن كان قرارا شخصيا. في الوقت الحالي، فإن شركته المعروفة باسم إلجبريس Algebris، المتخصصة في الاستثمارات البنكية تحقق ثلث المبيعات من العملاء الإيطاليين، ولا تزال متمركزة في لندن مع مكاتب في نيويورك وميلانو ولوكسمبورج وسنغافورة".
الإعفاءات الضريبية الضخمة التي قدمتها حكومة رينزي السابقة، كان سيرا من المؤيدين الماليين الصريحين لها، ما جذب كثيرا من أصحاب المال الإيطاليين إلى العودة من لندن.
قال سيرا "إن الإعفاء الضريبي لم يكن دافعه الرئيس. بدلا من ذلك، كان يشعر بالقلق من أنه وزوجته بجوازات سفر بريطانية وأطفالهما المولودون في بريطانيا، الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية يمكن أن يجدوا أنفسهم "معزولين" عن بريطانيا، ويجدوا من الصعب أكثر العمل في أنحاء أوروبا كافة في المستقبل بسبب "بريكست".
وقال، "أريد أن أضمن أن أطفالي يتمتعون بثقافتين بالكامل وليس مجرد التحدث بلغتين. لندن هي أفضل مدينة في العالم – أنا مقتنع أن لندن ستسود ولندن ستقاوم – لكنني أيضا أدرك أن لندن لن تكون كما كانت".
تغيرت إيطاليا منذ مغادرته. حيث قال "أصبحت ميلانو العاصمة الإيطالية الحقيقية". المدينة الشمالية "الرمادية، المظلمة، القذرة والخطرة" يتذكر تغير وجهها منذ استضافة المعرض العالمي في عام 2015.
تدفقت الأموال القطرية والصينية إلى التطوير العقاري، وباتت أعداد السياح أعلى مما هي في روما، وتم افتتاح مدارس دولية جديدة تغري المدرسين البريطانيين برواتب أعلى مقومة باليورو.
الأكثر أهمية من ذلك، أنها أصبحت أيضا "المدينة البوابة" لاقتصاد إيطاليا القائم على التصدير للوصول إلى أوروبا والعالم.
قال سيرا "إن هذا يجلب ميزتين: على مستوى ريادة الأعمال، أنا اتصل بالاقتصاد الحقيقي أكثر مما كنت أفعل في لندن، وهناك أيضا مجتمع إيطالي دولي متزايد شعر بعدم الراحة تجاه مؤيدي "بريكست" وقد جاءوا إلى ميلانو". بشكل عام، قال إن العودة "ممتعة جداً".
مع ذلك، هو لا يدير ظهره إلى بريطانيا. العام الماضي، أنشأ منتدى للسياسة والأبحاث، وسجل سيجمار جابرييل وزير الخارجية الألماني السابق، وهيلي ثورنينج-شميدت، ورينزي رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة، لمناقشة وتعزيز قيم الاتحاد الأوروبي. أول نقاشين كانا في ميلانو ولندن.

إيان ماونت من مدريد
سباستيان ألبيلا، رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية في إسبانيا، لديه عدد من النظريات عن السبب في أن التدفق الضئيل للمصرفيين ما بعد "بريكست" الذين ينتقلون إلى مدريد، كان أقل من التوقعات.
ألقى باللوم على الشعور بعدم الاستقرار الناجم عن الصراع في كاتالونيا وعدم وجود إعفاءات ضريبية للشركات، مثل تلك التي تستخدمها البلدان الأخرى لاجتذاب البنوك الدولية، التي تسعى إلى إنشاء مراكز جديدة في الاتحاد الأوروبي.
مع ذلك، قال "إن اللعبة لم تنته بعد"، مشيرا إلى وصول مصرفيين من بنك كريدي سويس وعدد من المؤسسات الأصغر.
ستكون مدريد موطنا لبعض من موظفي بنك كريدي سويس البالغ عددهم 250 المتوقع أن ينتقلوا من لندن، فبنك السويسري سينشئ مركزا للخدمات المصرفية الاستثمارية، مقرونا بقاعدته الأوروبية الرئيسة الأخرى في فرانكفورت.
ماثيو تايلور، مدير كلية كينجز في مدريد، قال "إن المدرسة التي تدرس باللغة الإنجليزية تشهد استفسارات كثيرة بشكل خاص منذ عيد الميلاد من أشخاص ذوي خلفيات مالية لديهم خطط للطوارئ".
وقال "إن مزيدا من البنوك والشركات متعددة الجنسيات تسأل أيضا إذا ما كانت المدرسة لديها أماكن للطلاب.
إلا أن التأثير كان محدودا حتى الآن، مع انتقال نحو عشرة طلاب جدد فقط من بريطانيا لأسباب تتعلق بـ"بريكست". وأضاف، "هناك اهتمام كبير، إلم يكن أكبر، بشكل متساو من الأشخاص الذين ينتقلون من فنزويلا".
الذين ينتقلون إلى مدريد سيجدون سوق العقارات في طفرة كاملة، حيث الأسعار أعلى مما كانت عليه عندما انفجرت الفقاعة خلال الأزمة المالية لعام 2008.
ارتفعت أسعار المبيعات بنسبة 17.2 في المائة في مدريد في العام المنتهي في كانون الثاني (يناير) الماضي، وذلك وفقا لبياتريز توريبيو، رئيسة الأبحاث في بوابة عقارات باسم فوتوكاسا.
وقالت "نشهد زيادات سنوية تتجاوز 15 في المائة في المناطق الوسطى والرئيسة وقد شهدناها منذ نهاية عام 2017. وهي تسير مدريد بسرعة عالية جدا فيما يتعلق بأسعار الإيجار والبيع على حد سواء".
ارتفعت الأسعار في المناطق الغنية والفقيرة، حيث ارتفعت أسعار بيع الشقق بنسبة 13.4 في المائة في سالامانكا الغنية، وارتفعت أكثر من 10 في المائة في ضواحي لاس روزاس وماياداهوندا القريبة.
مبيعات المساكن إلى مشترين بريطانيين تراجعت في عام 2017، العام الذي تلا التصويت على "بريكست"، لكنها انتعشت في عام 2018 مع اقتراب موعد الخروج.
كان المشترون البريطانيون يمثلون 10722 صفقة في عام 2018، أو نحو 15 في المائة من المبيعات لمشترين أجانب، وهي أكبر حصة في السوق.
في حين إن معظمها كان لمنازل ثانية، إلا أن نحو 2500 كانت لأشخاص ينتقلون إلى إسبانيا لأسباب تتعلق بالعمل، كما قال باتريشيو بالومار موريلو، رئيس الاستثمار البديل في أير بارتنرز AIRE Partners.
وقال بالومار "ما نشهده الآن في الأساس هو وصول التنفيذيين، وليس وصول الأشخاص الأقل تأهيلا الذين يحتاجون إلى اتخاذ ترتيبات للاستقرار".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES