Author

«قمة العشرين» في الرياض

|
كاتب ومستشار اقتصادي


أعلن الأسبوع الماضي عن موعد استضافة المملكة لقمة العشرين، التي ستعقد يومي 21 و22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، ولا شك أن استضافة الرياض لهذه القمة للمرة الأولى في تاريخها يعد حدثا مهما على المستوى الاقتصادي، حيث سيكون اقتصاد المملكة ومؤسساته وأجهزته في قلب الحدث العالمي الكبير.
بالأرقام، يمثل اقتصاد الدول الأعضاء في قمة العشرين نحو 86 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وثلثي حجم التجارة الدولية التي تعبر الحدود سنويا، وتضم دول القمة ما يزيد على 60 في المائة من إجمالي سكان العالم، والمملكة هي البلد العربي الوحيد الحاضر في هذه القمة منذ بدايتها.
تاريخيا، أنشئت قمة مجموعة العشرين في أيلول (سبتمبر) 1999 على هامش قمة لمجموعة الدول الثماني الكبرى G8 في العاصمة الأمريكية كردة فعل احترازية عقب أزمة النمور الآسيوية في 1997، وكان التجمع في بدايته يقتصر على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، إلا أن الأزمة المالية التي ضربت العالم حينما انهار مصرف "ليمان براذرز" في منتصف أيلول (سبتمبر) 2008 أعطت للقمة زخما وحضورا كبيرين، حين دعا الرئيس السابق بوش الابن لعقد القمة الأولى في واشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 وحضرها قادة الدول العشرين، واتجهت الأنظار نحو القمة لمعرفة ما سيقرره القادة للخروج بالاقتصاد العالمي من أزمته الطاحنة.
المتابع لمجريات الاقتصاد العالمي يرى بوضوح أن مجموعة العشرين، ومنذ قمتها الأولى في واشنطن وحتى قمتها العام الماضي في الأرجنتين سرقت الأضواء من التجمعات العالمية الأخرى، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى حجم وقوة الدول المشاركة في هذا التجمع اقتصاديا وحتى سياسيا، إضافة إلى أن القمة تعقد على مستوى القادة، وهو ما يعطيها زخما وحضورا وتغطية إعلامية أكبر.
ورغم طغيان بعض الأحداث السياسية مثل قضايا الإرهاب وتفجيرات باريس والوضع في سورية على تغطيات الإعلام العالمي لقمم العشرين السابقة، إلا أن البيانات الختامية للقمم السابقة كانت كلها ذات طابع اقتصادي، فلا يخلو بيان صدر عن القمم السابقة من التأكيد على ضرورة رفع معدلات النمو العالمي برقم معين فوق مستوى النمو المتوقع، ومحاربة الحمائية، والهجوم على الملاذات الضريبية، وكذلك دعم البنية التحتية، وإصلاح الأسواق المالية، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في العالم، وهلم جرا.
وهذا يعود بطبيعة الحال إلى أن القمة هي قمة اقتصاد هدفها النمو والتنمية واستقرار الاقتصاد العالمي، ورغم طغيان بعض الأحداث السياسية أو الحرب التجارية بين الصين وأمريكا - خلال القمة الأخيرة - إلا أن بيانات القمة الختامية التزمت بالتركيز على الاقتصاد والتنمية وتحقيق معدلات جيدة في مستوى نمو الاقتصاد العالمي.
عودة إلى قمة الرياض، فالمعروف عن قمة العشرين أنها ليس لها مقر ثابت ولا أمانة عامة، وإنما تتولى الترتيبات والتحضير والرئاسة الدولة التي ستعقد فيها القمة، وستتسلم المملكة رئاسة القمة من اليابان التي ستعقد فيها قمة العام الحالي، وستبدأ التحضيرات للقمة قبل عام من انعقادها وصدور بيانها الختامي، وستكون المملكة منذ أواخر هذا العام وحتى نهاية القمة مكانا لاجتماع المسؤولين والمختصين والخبراء المشاركين في التحضيرات لأجندة وبرامج وموضوعات القمة.
بالتأكيد، عقد قمة العشرين في المملكة أمر جيد لاقتصادنا، فاقتصادنا والفرص الاستثمارية المتاحة فيه سيكون تحت أعين المستثمرين وتغطية وحديث الإعلام العالمي، كما أن القمة فرصة لشبابنا لكسب الخبرة في التنظيم وإدارة الفعاليات المهمة، إضافة إلى القمة انبثق تحتها قمم صغيرة للشباب Y20 وللمرأة W20 وللأعمال B20 وللعمالة "L20"،... إلخ، وهي تجمعات مصغرة يجب أن يستفيد من حضورها المعنيون بهذه المجالات للاستفادة من التجارب العالمية والعصف الذهني الداعم لتنمية هذه المحاور.
ختاما، قمة العشرين حدث اقتصادي سنوي مهم، ولا شك أن عقد القمة في المملكة أمر ممتاز لاقتصادنا وإظهار ما عندنا من فرص والتعلم من التجارب والخبرات التي تشارك في هذا الحدث، وأتمنى أخيرا أن يتم الاهتمام بإعلامنا الاقتصادي وإعطاء العاملين فيه دورات ومعلومات وتدريب عن القمة وتاريخها وأهدافها وطريقة عملها وإنجازاتها، فالتغطية الإعلامية المحترفة لهذا الحدث الكبير ستضع الجميع في قلب الحدث، حتى لو لم يتسن لهم حضوره أو المشاركة فيه بأي صفة. وسلامتكم.

إنشرها