FINANCIAL TIMES

تغيرات ضريبية تثير مخاوف أثرياء «التفاحة الكبرى»

 تغيرات ضريبية تثير مخاوف أثرياء «التفاحة الكبرى»

 تغيرات ضريبية تثير مخاوف أثرياء «التفاحة الكبرى»

بريان كوشمان، أحد وكلاء العقارات في مانهاتن أسس شركة لنقل الأشخاص إلى شقق تريبيكا الفاخرة، ويعمل الآن بحماس على تطوير خط جانبي جديد: نقل سكان نيويورك الأغنياء إلى فلوريدا.
يتوقع كوشمان أن يحدث مزيد بعد أن يوضح الموعد النهائي للضريبة في نيسان (أبريل) الجاري، التأثير المحتمل الكامل للإصلاح الضريبي الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في عام 2017 على سكان نيويورك.
ذلك القانون منح تخفيضات ضريبية لمعظم الأمريكيين، كما ذكّر الرئيس الناخبين مرارا وتكرارا.
مع ذلك، فإن أحد الطرق الذي منح به تلك التخفيضات كان من خلال وضع حد عشرة آلاف دولار على الضرائب الحكومية والمحلية، التي يمكن أن تقتطعها الأسر من ضرائبها الفيدرالية.
ذلك الحد على ما يسمى خصومات سولت Salt الضريبية يهدد بفاتورة ضخمة لكثير من سكان نيويورك الأغنياء، الذين يدفعون ضرائب حكومية ومحلية تصل إلى 12.7 في المائة.
في المقابل، لا توجد ضريبة دخول شخصية في ولاية فلوريدا المشمسة المجاورة للجنوب.
أوضح كاشمان مبررات عملائه للمغادرة "إذا كان بإمكاني توفير 13 في المائة من الضرائب المحلية والحكومية، فما المانع؟ مع مبلغ المال الذي يوفرونه، فإنه يغطي بسهولة مصاريف المدارس الخاصة للأطفال".
أحد المحامين الذي يمثل عملاء صناديق التحوط توقع أن ينتقل كثير من الأشخاص بعد رؤية إقراراتهم الضريبية لعام 2018، حيث قال "يدين الناس بأموال أكثر مما يعتقدون".
عدد سكان نيويورك الأغنياء الذين يهربون بسبب خصومات سولت الضريبية هو أمر قابل للنقاش. ذكرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين أخيرا أنها لم تجد "علامات واضحة حتى الآن" تدل على أن التغيير الضريبي سيسهم في أي هجرة خارجية.
مع ذلك، فإن الحديث عن الهجرة إلى ولايات ذات ضرائب منخفضة، يجري على قدم وساق.
جون بولسون، مستثمر صندوق التحوط الذي حقق مليارات الدولارات في الأزمة المالية، أخبر صحيفة "فاينانشيال تايمز" أنه يعتزم الانتقال من وسط مانهاتن إلى إقليم كومنويلث بورتوريكو ذي الضرائب المنخفضة – واقترح أن يحذو آخرون حذوه.
وأضاف بولسون "بالنظر إلى الضرائب المرتفعة للغاية في نيويورك، وفقدان قابلية الخصم، من المنطقي أن ينظر الأفراد في نيويورك إلى دوائر قضائية أخرى بدون ضرائب منها أو حيث ضرائب أقل بكثير".
في شباط (فبراير) الماضي، ألقى أندرو كومو، محافظ نيويورك اللوم على المغادرين بسبب خصومات سولت، للتسبب في عجز الإيرادات بقيمة 2.3 مليار دولار.
قال كومو، مشيرا إلى اعتماد نيويورك على السكان الأغنياء لتمويل ميزانيتها "أخشى من أن خصومات سولت الضريبية تسبب في الأصل مغادرة الناس من ولايتنا. أقل من مائة ألف شخص يدفعون نصف الضرائب. إذا غادروا، فستكون لدينا مشكلة كبيرة بسرعة كبيرة".
تنفيذيون في قطاع العقارات يعدون الخصومات الضريبية العامل وراء تراجع سوق العقارات الفاخرة في المدينة. عدد منهم استشهدوا بها هذا الشهر – إلى جانب وفرة في المباني السكنية الجديدة – حيث أفادوا بانخفاض في المبيعات وتوقعوا مزيدا من الانخفاض في المستقبل.
قال بام ليبمان، الرئيس التنفيذي لشركة كوركوران "عدم وجود قابلية خصم الضرائب أدى إلى إلغاء أحد الحوافز الرئيسة لملكية المنازل. وهذا لا يبشر بالخير لمستقبل الشراء في أذهان كثير من الناس".
في الوقت نفسه، فإن ولاية فلوريدا – التي تشتهر بشواطئها فضلا عن افتقارها إلى ضريبة دخل – أصبحت موضوعا للحديث بين الأغنياء على نحو متزايد.
قال كين كوريا، أحد مديري الثروات الذي يشرف على 140 مستشارا ماليا في بنك يو بي إس UBS في منطقة نيويورك "هناك بالتأكيد مزيد من النشاط حول ذلك". وعندما سئل عمن كان يسأل عن مثل هذا الانتقال، أجاب "كثير من الناس".
نيويورك ليست الولاية الأمريكية الوحيدة المعرضة لخطر فقدان السكان بسبب الضرائب المرتفعة. في عام 2016، غادر الملياردير ديفيد تيبر مدير صندوق التحوط، وهو دافع الضرائب الأكبر الوحيد في نيوجيرسي إلى فلوريدا. وقيل "إن المدفوعات الضريبية التي كان يدفعها تيبر كانت كبيرة جدا بحيث كان يتم إبلاغ كريس كريستي حاكم الولاية، عندما يصل شيكه إلى وزارة الخزانة.
خسرت ولاية كونيكتيكت في الأعوام الأخيرة اثنين من مديري صناديق التحوط، بول تودر جونز وإدوارد لامبيرت، المنتقلين إلى فلوريدا.
حقيقة أن كثيرا من الولايات ذات الضرائب المرتفعة، بما في ذلك ولاية كاليفورنيا، تميل إلى الحزب الديمقراطي دفعت كومو إلى مهاجمة خطة ترمب الضريبية باعتبارها "إعلان حرب أهلية اقتصادية".
القضية بارزة بشكل خاص في ولاية نيويورك – وفي مدينة نيويورك – بسبب تركيزها على الثروة والنقاش المكثف حول كيفية فرض الضرائب عليها.
في المناقشات حول موازنة العام المقبل، نظر المشرعون في فرض ضريبة سنوية "مؤقتة" على المنازل الثانية التي تساوي أكثر من خمسة ملايين دولار في المدينة.
لقد تراجعوا بعد احتجاجات من المطورين، لكنهم لا يزالون يستهدفون الأغنياء من خلال اختيار زيادة الضرائب على مبيعات منازل بقيمة 20 مليون دولار أو أكثر.
قد يكون هناك مزيد في المستقبل. ما كان من المفترض أن يكون "ضريبة مؤقتة على أصحاب الملايين"، تم فرضها في عام 2009 أثناء الأزمة المالية، تم تمديدها مراراًمن قِبل الهيئة التشريعية في الولاية.
في الوقت نفسه، اقترحت ألكساندرا أوكاسيو-كورتيز، النائبة عن نيويورك التي أصبحت محبوبة من قِبل التقدميين، إرهاق الأغنياء من خلال رفع معدلات الضرائب الفيدرالية إلى 70 في المائة.
على الرغم من كل الكلام المذعور، إلا أن كثيرا من المحللين يرفضون محاولة كومو ربط النقص في الإيرادات الضريبية المتوقعة بخصومات سولت الضريبية.
ويجادلون بأن السبب الأكثر احتمالا كان موجة البيع الكبيرة في بورصة وول ستريت في أواخر العام الماضي.
كما يتساءلون أيضا عما إذا كان الأغنياء سيتسوقون بحثا عن المناطق ذات الضرائب المنخفضة – كما اقترح بولسون – أو بدلا من ذلك سيشكلون "نخبة مدمجة" تربطهم علاقاتهم الشخصية والمهنية بمكان معين، بغض النظر عن معدلات الضرائب الزاحفة. لا يتمتع جميع المصرفيين وأصحاب المشاريع في نيويورك بالمرونة نفسها لتأسيس أنفسهم في أماكن أخرى.
"أي تأثير سيكون هامشيا، وسيحدث مع مرور الوقت، وسيكون من الصعب كشفه وسط جميع العوامل الأخرى التي تؤدي إلى التنقل عبر الولايات"، كما قال جون مولينكوبف، مدير مركز الأبحاث الحضرية في جامعة سيتي في نيويورك، بحجة أن الأمر قد يستغرق أعواما قبل أن تتمكن بيانات التعداد من تأكيد هرب الأغنياء.
في تقريرها، توصلت وكالة موديز إلى أن الهجرة الخارجية من نيويورك وغيرها من الولايات ذات الضرائب المرتفعة كانت أقل مما كانت عليه قبل عقد من الزمن.
في كثير من الحالات، كان الذين غادروا قد ذهبوا إلى ولاية أخرى ذات ضرائب مرتفعة. واستنتجت وكالة موديز أن "الوظائف واتجاهات التركيبة السكانية ستستمر في التأثير في أنماط الانتقال أكثر من الأعباء الضريبية".
مع ذلك، فإن مجرد عدم إثبات الإحصائيات بعد واقع اللاجئين الضريبيين، لا يعني أنه ليس هناك واقع يجري حاليا. إدموند ماكماهون، مدير الأبحاث في مركز إمباير للسياسة العامة، يشعر بالقلق من أن نيويورك تواجه تحدي تركيبة سكانية، بسبب وصول جيل مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى سنوات النضج، في الوقت الذي يغادر فيه كثيرون المدينة، عادة.
قال ماكماهون "في حال تساوي جميع العوامل الأخرى، لدينا عدد كبير من الناس يستعدون للإبحار إلى باكو راتون في فلوريدا".
وجادل بأن إصلاح خصومات سولت الضريبية كان "دفعة أخرى" لتذكيرهم بأنهم سيكونون في وضع أفضل في مكان آخر.
في الوقت نفسه، فإن الخصومات الضريبية وغيرها من الضرائب المتصاعدة، تهدد بثني المهنيين الشباب بتركها بعد أن باتت مدينة يُعاني كثيرون فيها تكلفة المعيشة.
في مأدبة عشاء أقيمت لمهنيين شباب في نيويورك، قال ماكماهون "إنه شعر بالدهشة من عدد الأشخاص الذين قالوا إنهم يعتزمون الذهاب إلى مكان آخر لتأسيس صناديق استثمار وشركات أخرى"، "أعتقد أن هذا خطر حقيقي" مضيفا "على أننا لن نعرف مداه إلا بعد أن تقع الواقعة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES