ثقافة وفنون

بت سيماتاري .. فلسفة الرعب

بت سيماتاري .. فلسفة الرعب

بت سيماتاري .. فلسفة الرعب

في جو من الرعب، يقحمنا الكاتب ستيفن كينج بفيلم «مقبرة الحيوانات الأليفة - Pet Sematary» الذي يقدم للمشاهد حوارات فلسفية اعتدنا عليها مع روايات كينج، التي تطرح عديدا من القضايا الفلسفية وتترك المشاهد في دوامة من الأسئلة الشائكة.
ويعود هذا الفيلم إلى عام 1989، حيث تم إطلاقه آنذاك للمخرجة ماري لامبرت، إلا أنه لم يحقق النجاح المبهر، ما دفع المخرجين كيفن كولش ودينيس ويدميير إلى إعادة إطلاق الفيلم الذي يحمل القصة نفسها مع اختلاف في أحداثها ونوعية الفيلم نفسه، الذي يحوي جرعة زائدة من الرعب والإثارة، فما الفرق الذي حصل في هذا الفيلم ما بين عامي 1989 و2019؟

إعادة أفضل من الأصل
تعد هذه النسخة الجديدة من الفيلم، التي طرحتها «بارامونت بيكتشرز» مثالا على الحالات التي يكون فيها إعادة الإنتاج أحيانا أفضل من الأصل، حيث عمل على جذب المشاهد في لحظات من الرعب القوي، كما تميز في نسخته الجديدة بالأداء المميز للممثلين، خصوصا الطفلة نعومي فرينيت التي برعت في لعب دور الفتاة «إيلي».

البداية .. موت القط تشرش
تبدأ أحداث الفيلم بعائلة «لويس كريد»، يلعب دوره الممثل جايسون كلارك، والأم «ريتشل» تلعب دورها إيمي سايمتز، وطفليهما «جايج» و«إيلي»، يعمل الأب طبيبا وينتقل مع عائلته من بوسطن إلى بلدة لودلو الصغيرة في ماين، إلا أنهم يكتشفون مع مرور الوقت أن خلف منزلهم الجديد مقبرة للحيوانات الأليفة.
وخلال الأسابيع الأولى من حياتهم في تلك القرية الهادئة تصدم سيارة القط «تشرش» الذي تعشقه الطفلة «إيلي»، وحين عرف الأب والأم الخبر، فكرا كثيرا قبل أن يقولا لابنتهما حتى لا تتعرض لأزمة نفسية، فيتفق «كريد» مع جارهم «جود» يلعب دوره الممثل جون ليثقو، على أن يذهبا معا لدفنه، وبعد أن وصلا إلى مكان بعيد في الغابة، بجانب مقبرة الحيوانات الأليفة، قال «جود» لـ «كريد»: «ادفن القط هنا طالما أن ابنتك يهمها أمره»، وأخبرها أن لهذه المقبرة طبيعة خاصة وأنه إذا ما دفن فيها القط سيعود حيا.

العودة إلى الحياة
هنا بدأت الأفكار الفلسفية بالتوارد على ذهن لويس الذي لم يصدق «جود» في قصة إعادة الحياة إلى الموتى، وفي طريق العودة سأل «إذا ما تم دفن أشخاص في هذه المقبرة فهل يعودون للحياة»، في اليوم التالي يجد لويس القطة حية في المنزل.
تم إجراء تغييرات كبيرة على الفيلم والكتاب الأصلي في النسخة الجديدة من الفيلم، أهمها إمكانية دفن الأطفال والكبار الموتى في المقبرة وعودتهم إلى الحياة من جديد، ويأخذ الفيلم منحاه الأساسي حينما تعرضت ابنة «لويس» لحادث سير خلال الاحتفال بعيد ميلادها، حيث صدمتها سيارة على الطريق، وتحولت حياة العائلة إلى كابوس بعد موتها، فيفكر الأب في دفن ابنته في المقبرة نفسها، لتعود من جديد إلى الحياة، ورغم أن جاره «جود» حذره من الأمر، خصوصا أن العودة للحياة مرتبطة بطريقة معينة، إلا أنه يعيش الخيال في عودة ابنته، لتبدأ مشاهد الرعب والإثارة، حيث تحاول الابنة الانتقام من عائلتها وقتلهم ودفنهم في المقبرة نفسها ليصبحوا مثلها.

أداء رائع
نجح جايسون كلارك بشكل فعال في السيطرة على أداء شخصيته لويس الذي كان عرضة لأن يصبح مبالغا به، فلا ينجح فقط في إضافة جميع الصفات الضرورية لجعل الفيلم يقدم قصة يسهل لجميع الناس حول العالم الترابط معها حول أسوأ كوابيس الوالدين، بل أيضا يصور بكل مهارة انهيار رجل. إن غطرسة لويس هي السبب في انهياره، رجل العلم الذي لا يؤمن بالحياة الآخرة، مجرد بشري يعتقد أنه هو المتحكم، ويجعلك كلارك تتعاطف مع لويس على الرغم من تصرفاته الخاطئة في محاولاته لخداع الموت. كما تنجح إيمي شيميتز بشكل مشابه بالسيطرة على الجانب الأعمق والأكثر سوداوية من شخصيتها رايتشل حيث يصطدم ماضيها المأساوي بحاضرها المروع. لا تحصل إيمي على وقت كاف على الشاشة مثل لويس أو إيلي، لأنها شخصية مساعدة فقط في الفيلم، لكنها تجعل رايتشل تبدو صادقة وواقعية حتى عندما تأخذ قصتها منعطفا مروعا.
أما جون ليثغو، الممثل الحائز جائزة إيمي على أدائه دور وينستون تشرتشل، فلم يلعب دور الجار اللامبالي كما فعل فريد جوين في الفيلم الذي صدر عام 1989، بل منح شخصيته الغريبة عمقا أكبر بفضل السيناريو الذي أعطى جود سببا لقيادة لويس نحو طريقه المظلم أكثر مما حصل في الفيلم السابق. يبرع ليثغو في تجسيد النور والظلام، اللطيف والشرير.
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم حقق إيرادات وصلت إلى 78 مليون دولار، وانقسمت الإيرادات بين 42 مليون دولار داخل الولايات المتحدة، و36 مليون دولار حول العالم، منذ طرحه يوم 5 أبريل الجاري.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون