default Author

حواسك تتحكم في لغتك

|


هل خطر في بالك يوما أن تسأل نفسك، أي من حواسك الخمس تعد مسؤولة رئيسة عن اكتسابك لخبراتك الحياتية، وتؤثر في حصيلتك اللغوية وطريقة تعبيرك عن أحاسيسك ومشاعرك، جرب أن تسأل نفسك الآن، هل هي السمع أم البصر أم الشم أم التذوق أم الشعور؟!
جواب السؤال يكمن في خلاصة دراسة أجريت أخيرا على مستوى العالم اشترك فيها 26 باحثا على الناطقين بـ 20 لغة في جميع القارات شملت بشرا من مختلف المناطق سواء النائية التي يعيش فيها السكان الأصليون الناطقون بلغتهم الأم أو المدن الكبيرة والعصرية.
طلب منهم وصف مشاعرهم بعد رؤيتهم لقصاصات من الورق الملون وتذوقهم ماء محلى بالسكر وشم عطر، لاحظ الباحثون أن الصورة التي تكونت في أذهان المشاركين وحاولوا التعبير عنها بلغتهم الخاصة تأثرت بنمط حياة المشاركين وأشكال منازلهم والحاسة التي يستشعرون بها هذه الأشياء ومدى سهولة إيجاد مفردات يترجمون بها مشاعرهم !
ورغم أن أغلب الكتب تشير إلى أن البشر كائنات بصرية خصوصا أن المساحة المخصصة للبصر في الدماغ أكبر منها لباقي الحواس، لذلك تجد أن البشر لديهم كثير من المفردات التي يعبرون بها عما يرون مثل اللغة الإنجليزية التي تزخر بمفردات لوصف الألوان والأشكال بينما يجدون صعوبة في التعبير عما يشمونه، لاحظ ذلك عندما تشم أنت وصديقك العطر نفسه ووصف كل منكما للرائحة، إلا أن هناك شعوبا يكون ارتباطها بالروائح والأصوات أكبر، مثل المجتمعات التي تعتمد على الصيد أو جني الثمار، لذا تجد أن لغتهم ثرية بالمفردات المتنوعة والدقيقة التي تصف الروائح والأصوات!
وبينما يبرع سكان لاوس والناطقون باللغة الفارسية في وصف الطعم بكلمة واحدة بسيطة مثل كلمة مر (تلخ بالفارسية) يخفق الإنجليز في ذلك، فمنهم من وصف طعم الماء المر بالمالح والمر والحامض أو ليس سيئا أو أن طعمه مثل شمع الأذن أو يشبه الدواء، كما يصفون الحامض بالمر، دليل على وجود ارتباك لغوي في أذهانهم يمنعهم من التعبير بدقة عما يتذوقونه من طعام أو شراب!! ويعاني سكان أستراليا الأصليون الناطقون بلغة أمابيلا في وصف الألوان، إذ ليس لديهم في لغتهم إلا ثلاث مفردات تصف الألوان وهي الأسود والأبيض والأحمر.
أما المتسمرون أمام الشاشات الصامتة البعيدون عن الطبيعة بروائحها وأصوات الطيور وحفيف الأشجار من الصغار فالواجب تجاههم إخراجهم من هذه القوقعة للطبيعة للاستكشاف واكتساب خبرات حسية جديدة أما الكبار فعليهم المسارعة بتغيير نمط حياتهم قبل أن يفقدوا مهاراتهم اللغوية!

إنشرها