Author

منصة حوار عالمية للابتكار المالي

|


غني عن القول إن القطاع المالي هو عصب الاقتصاد، لكن هذا القطاع تعرض لكثير من النقد بعد الأزمة المالية العالمية 2008، خاصة من حيث التطبيقات المتنوعة جدا لأدوات التمويل، ومن بينها المشتقات التي لم يعد من السهل إدراك حركتها، أو حتى فهم تعقيدها وتراكيبها، ورغم زخم النقد الموجه للمؤسسات المالية بكل تنوعها فإنه لا مفر من قبول الوضع الراهن، غير أن الإصلاح يجب أن يأخذ مساره، وأن تكون هياكل التمويل أكثر شفافية ووضوحا، وأن يجد الابتكار مكانه دون أن يتعلق بذلك مزيد من المخاطر، وهذا لن يتحقق ما لم يتم عقد كثير من ورش العمل والحلقات النقاشية، وفهم التطبيقات الجديدة وتأثيراتها، وأيضا فهم النماذج الجديدة للتمويل. ولقد حظي التمويل المستند إلى الفقه الإسلامي للبيوع، الذي يطلق عليه التمويل الإسلامي، باهتمام واسع؛ لتحقيق معادلة صعبة بين المخاطر والعوائد، ولكنه مع ذلك لم يسلم التمويل الإسلامي ولا مؤسساته من آثار الأزمة المالية، رغم النماذج المستندة إلى الأصول؛ ولهذا فهو اليوم تحت وطأة المطالبات بمزيد من الشفافية حول الأدوات التي ينتهجها، ولا يزال الطريق طويلا وشاقا لإقناع المؤسسات المالية ككل بمزيد من الشفافية في ظل تنافسية كبيرة.
ورغم أهمية العمل المشترك من أجل فهم المشكلات العالقة في النظام المالي العالمي وأنظمة التمويل الحالية، ومن بينها أنظمة التمويل الإسلامية؛ فإن الفرص المتوافرة تعد قليلة لإجراء نقاش جاد في هذه المسائل، ولأن المملكة تعيش اليوم فترة غير مسبوقة من الانفتاح الاقتصادي، وتسهيل إجراءات النفاذ إلى الأسواق، ومن ذلك الإجراءات كافة التي اتخذتها هيئة السوق المالية بشأن تسهيل الاستثمارات الأجنبية في السوق المالية، وأيضا ما قامت به وزارة المالية ممثلة في مكتب الدين العام من إصدار صكوك وسندات دولية ومحلية، وكذلك الاهتمام الضخم الذي شهدته الصكوك المالية السعودية سواء الصادرة من وزارة المالية أو من الشركات وعلى رأسها شركة أرامكو قبل عدة أيام، لهذا فإن الدعوة لإجراء الحوار العالمي في المملكة بشأن القطاع المالي، ستلقى ترحيبا واسعا بلا شك. لهذا كله وفي مثل هذا المناخ الاقتصادي المليء بالتفاؤل سينعقد مؤتمر القطاع المالي "آفاق مالية واعدة"، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يومي 19 و20 شعبان 1440هـ الموافقين 24 و25 نيسان (أبريل) 2019 في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات، بمدينة الرياض، ويسعى إلى أن يكون منصة عالمية لمثل هذه النقاشات الساخنة حول هذه القضايا، وهو يستهدف نحو ألفي مشارك ممن يمثلون قيادات عالم المال والأعمال وممثلين من القطاعين العام والخاص محليا وإقليميا وعالميا.
يأتي المؤتمر كإحدى مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي المنبثق من "رؤية السعودية 2030"، وهو نتيجة التعاون بين مؤسسات القطاع المالي كافة على رأسها وزارة المالية وهيئة السوق المالية ومؤسسة النقد، وستتناول جلسات المؤتمر مناقشة بناء القدرات في القطاع المالي والتمويل الإسلامي وسوق التمويل العقاري والتقنية المالية في القطاع المالي، كما سيستعرض المؤتمر أبرز التحديات والفرص في قطاع التأمين. ومن اللافت حجم الشمولية التي تغطيها موضوعات المؤتمر، وهو ما يُحدث تحديا كبيرا للمنظمين، لكن حتما ستكون الفوائد كبيرة، وهي تغطي مساحة واسعة من القضايا التي تهم القطاع المالي والاقتصاد السعودي. كما سيتضمن المؤتمر عددا من الفعاليات المصاحبة من بينها معرض تطوير القطاع المالي، وعدد من ورش التداول الافتراضي، إضافة إلى برنامج للمبادرين، وبرنامج لتعزيز المعرفة والثقافة المالية.

إنشرها