default Author

عالم الأعمال وكيفية مكافحة الفساد «1من 2»

|


إن تحصين شركتك من الفساد يبدأ بالتساؤل إلى أي مدى تعد نفسك شخصا نزيها؟ وإنه ليس من الضرورة أن يتعامل التنفيذيون والمديرون مع الفساد على أنه قضية قانونية أو مخالفة للقواعد. ولا يكفي عدَّه قضية أخلاقية أيضا. فالاستقامة لم ولن تكون بمنزلة ضمان للتنفيذيين ومديري الشركات.
يعد الفساد من المفاهيم المعقدة، فحتى في المنطق البسيط، يعطي صورة مخادعة للإدراك.على سبيل الاستعارة: الفساد بالنسبة للنزاهة بمنزلة الليل للنهار.
التعريف الوحيد للنهار هو الوقت الممتد ما بين بزوغ الشمس وغروبها. ولكن لا نستطيع إنكار حقيقة أن الغسق عبارة عن بداية الليل، والشفق يضم بعض خيوط النهار، أو أن الفجر يعلن بداية يوم جديد.
علاوة على ذلك، تؤثر المواسم في طول النهار. فهناك دورات وما قد يكون نهارا اليوم قد يصبح ليلا غدا. والممارسات التي تعد أمرا مقبولا اليوم قد ينظر إليها على أنها فساد فيما بعد. وإذا ما نظرنا إلى قضايا الفساد في عصر العولمة، يجب أن نأخذ في الحسبان أن الليل والنهار يعتمدان على مكان وجودك في الواقع. فعندما تغرب الشمس في الغرب، تشرق في الشرق.
سأوضح وجهة نظري بنموذج ملموس ــ خطاب الرئيس الصيني شي جين بينج أمام المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، الذي يتناقض مع استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة التي وضعها دونالد ترمب.
لننظر بداية في القواسم المشتركة بين تصريحات الرئيسين. عدَّ كلا البيانين الفساد قضية حوكمة. ورسخ كلاهما فكرة أن الفساد هو أمر خارج عن القانون، وتمت صياغة ذلك في كلا البيانين قيمة أساسية، كما أشارا إلى الفوائد المجتمعية لمكافحة الفساد.
علاوة على ذلك، فإن رؤيتهما للفساد تشبه النهار والليل، بالطبع مع ظلال رمادية.
بحسب تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينج "الفساد هو أكبر تهديد لحزبنا". وهو "من الاختبارات التي تواجه الحزب كونها تتعلق بالحوكمة والإصلاح والانفتاح واقتصاد السوق والبيئة الخارجية".
وأكد شي ضرورة تمتع المسؤولين بالصراحة والمصداقية، وشفافية الحكومة، ومعالجة القضايا السياسية بكل نزاهة.
وبحسب شي، نزاهة المسؤولين في الحزب ستسهم في تطوير النظام الحزبي، وتعزيز الرقابة الداخلية، وحماية الروابط الوثيقة مع الشعب. ودعا شي جين بينج إلى مكافحة الفساد ما يسهم في تقوية الحزب الشيوعي ومساهمته في استقرار البلاد على المدى الطويل.
من وجهة نظر دونالد ترمب، ينشأ الفساد بسبب ضعف الحوكمة وفشل سلطة القانون، لكنه وجه أصابع الاتهام إلى جهات أخرى: "المنظمات الإجرامية الدولية، المسؤولين الأجانب الفاسدين، النخب الفاسدة، القادة القمعيين الذين يتعاونون غالبا ضد المجتمعات الحرة، والشركات المتعددة الأطراف الفاسدة".
يهدف برنامج ترمب لمكافحة الفساد إلى محاربة الدول الاستبدادية والسماح للشركات الأمريكية بالمنافسة بشكل عادل في جو من الشفافية. بمعنى آخر، دعا ترمب إلى محاربة الفساد للتأثير في اللاعبين الدوليين، وحماية مصالح الولايات المتحدة، والمساهمة في الحرية السياسية والمنافسة العادلة على الصعيد الاقتصادي، يوضح هذان المنظوران جانبين للفساد.
يعزى الفساد من جهة إلى عدم نزاهة النظام السياسي بسبب الحوافز الاقتصادية غير الملائمة، ومن جهة أخرى يعزى إلى عدم نزاهة النظام الاقتصادي بسبب التأثير السياسي غير المناسب.
تبقى مسألة تحديد الجهة المسؤولة عن دفع الحوكمة العالمية من منظوريْ شي جين بينج ودونالد ترمب حول الفساد، القوة السياسية أم الاقتصادية؟
اتخاذ الشركات العالمية قرارات عملية من خلال منظور واحد أمر محفوف بالمخاطر ــ مثل الاستراتيجيات غير السوقية وخطط التوسع الخارجية. فهي بحاجة إلى تغطية جميع النواحي التي تشهد فسادا.
قد يساعد بعض المدخلات النظرية على تحديد الأشكال المختلفة للفساد ومكافحته... يتبع.

إنشرها