Author

المحافظة على الذوق العام .. مشروع لإعادة بناء المجتمع

|


تتمتع المجتمعات الراقية بمجموعة من القيم والثقافات التي تسود ربوعها، بحيث تعد هذه القيم بمنزلة الهوية التي تعبر عن ثقافة المجتمع وقيمه الأصيلة ومثله العليا. والمجتمعات الأكثر رسوخا وإسهاما في بناء الحضارة الإنسانية، هي المجتمعات ذات الرصيد الكبير من الثقافات والقيم الاجتماعية الراقية.
ولذلك، كلما كانت قيم المجتمع ذات عمق أخلاقي وسلوكي راق، وضعت الدولة نفسها ضمن الدول الأكثر تحضرا وتقدما وإسهاما في الموروث الإنساني والحضاري على مستوى العالم.
ومجلس الوزراء السعودي، اتخذ الشهر الماضي قرارا بالموافقة على مشروع اللائحة التنظيمية للمحافظة على الذوق العام، وهو مشروع سبق أن وافق عليه مجلس الشورى ورفعه إلى مجلس الوزراء لتتويج موافقته واعتماد سريانه وتنفيذه.
ويهدف مشروع اللائحة التنظيمية للمحافظة على الذوق العام إلى تأكيد المحافظة على مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع السعودي ومبادئه وهويته العربية والإسلامية الأصيلة.
والحقيقة أن المجتمع السعودي يفخر بأنه يتمتع بذوق عام رفيع يعبر عن تمسكه بمبادئ الدين الإسلامي القويم، ولهذا فإن مفهوم الذوق العام عند السعوديين مرتبط بمجموعة السلوكيات التي يتمتع بها الإنسان السعودي وتعبر عن قيمه الإسلامية الغراء وأخلاقه العربية الأصيلة وتميزه بالشهامة والشجاعة والشموخ والكبرياء.
دعونا نعترف أن الثقافة المادية التي اجتاحت المجتمع السعودي في العقود الأخيرة أثرت سلبا في السلوك العام لبعض الشباب، وباتت تهدد الموروث الحضاري الذي كان المجتمع السعودي يتميز ويفاخر به وسط كم هائل من التغيرات في العادات والتقاليد التي شوهت الهوية الثقافية عند بعض السعوديين، وبالذات فئة الشباب.
ولذلك حينما شعرت الحكومة أن ثقافة المجتمع السعودي بدأت تتأثر سلبا بالثقافات المادية الغربية الحديثة، وضعت مشروع لائحة للمحافظة على الذوق العام، أي وضعت الدولة إطارا قانونيا للحد من تجاوز حدود الذوق السعودي العام مع احترام ذوات الآخرين.
إن هدف اللائحة المحافظة على مبادئ الآداب العامة، والتمسك بالتقاليد السعودية، والابتعاد عن السلوكيات المعيبة، وهي سلوكيات يجرمها القانون الإسلامي وتتعارض مع تقاليدنا العربية الأصيلة.
ولا شك أن من بذاءات القول التلفظ بألفاظ خادشة للحياء، أو ارتداء الملابس غير المحتشمة وسط حشد من شخصيات المجتمع، أو القيام بأي فعل مخالف للنواميس الأخلاقية السائدة في الأماكن العامة، وتعريض الناس الآمنين لفحش القول أو ممارسة أي نوع من أنواع الإزعاج والاستهتار، أو حتى التنمر ضد الآمنين المؤتمنين في المكان. كذلك فإن اللائحة تهدف إلى المحافظة على مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع والحد من مظاهر الإساءة لمشاعر الناس، ودعم كل الجهود الهادفة إلى حماية الذوق العام وصيانة مبادئه العليا.
وإجمالا، فإن من أهداف اللائحة، المحافظة على قيم المجتمع السعودي وحراسة ثقافته الإسلامية والعربية الأصيلة، التي شرعها ديننا الإسلامي الحنيف لتكون نبراسا وسلوكا تهدي لـ"التي هي أقوم"، ويمارسها كل مواطن حفاظا على أمن الوطن وحقوق المواطن.
إن ثقافة المجتمع السعودي وهويته هي ثقافة إسلامية وعربية خالصة، وواجب الدولة أن تضع التشريعات لحماية هذا الموروث الذي يعد من المكاسب الوطنية والاستراتيجية المهمة لتحقيق الاستقرار وبناء الدولة على أسس من الخير والتوازن والنماء والبناء.
إن أهم ركيزة من ركائز بناء الأمم، هي بناء المواطن الصالح، الذي تحمله الدولة مسؤولية تحقيق الأمن والاستقرار وتنفيذ برامج التنمية الشاملة لخير الوطن والمواطن، والعمل بإنسانية شاملة لبناء دولة الخير والرخاء.
بمعنى، أن اللائحة مهمتها تصميم مناخ بناء الوطن والمواطن، ومنع التجاوزات على قواعد الأخلاق والآداب العامة، بل تكلف المواطن بشكل صريح ومباشر باحترام تقاليد المجتمع وعاداته وأخلاقيات أهله ومجتمعه، ولا شك أن الاستهتار بقيم المجتمع وارتداء الملابس غير المحتشمة أو التلويح بعبارات غير مقبولة، أو كتابة الشتائم على الجدران، من الأشياء المسيئة للذوق العام ومخالفة لعادات وتقاليد الشعب السعودي.
وعموما، نص مشروع اللائحة على عشرة بنود، يأتي في مقدمتها تغريم المنتهك لقيم وأخلاق المجتمع في الأماكن العامة بمبلغ من المال مع تغليظ العقوبة عند التمادي والتكرار.
وإجمالا، فإن الهدف من مشروع اللائحة هو المحافظة على الهوية السعودية عند الإنسان السعودي، وهي هوية - كما أومأنا - تقوم على التقاليد العربية الأصيلة ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، وطالما أن الهوية السعودية تقوم على التقاليد العربية الأصيلة ومبادئ ديننا الإسلامي، فإنها تتميز بكثير من الخصال الحميدة، كالشهامة، والرجولة، والشجاعة، والإقدام، والكرم، والفداء، والتواضع.
ولذلك، نحن نفاخر بالشخصية السعودية، ونقول دائما إن الإنسان السعودي قدوة تستحق أن يقتدي بها الآخرون.
وخلاصة القول إن المحافظة على الذوق العام يعني حماية الذات واحترام ذوات الآخرين.
نجزل الشكر والتقدير لحكومتنا الرشيدة على مبادرتها بإصدار هذه اللائحة المهمة، ونرجو أن تكون واحدة من اللوائح التي ستصدر مزيدا من تنظيم حياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية.

إنشرها