Author

الرياض وبغداد علاقات استراتيجية

|

لم تتوقف سياسة السعودية عن منهجها الواضح في العلاقات مع العراق الشقيق. فالرياض دائما تسعى إلى تعزيز هذه العلاقات ليس على أسس سياسية فحسب، بل على قواعد توفر المصلحة العامة للشعب العراقي أولا. والمملكة تضع في الواقع مصالح الشعوب العربية في المقدمة، بصرف النظر عن طبيعة العلاقات السياسية التي تجمعها بهذا البلد أو ذاك. ومن هنا، كان خادم الحرمين الشريفين واضحا في لقائه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وكرر حرص السعودية على تعزيز التعاون بين البلدين، واتخاذ الإجراءات الكفيلة التي توفر النتائج الإيجابية في كل مضمار يجمع الرياض ببغداد، والتحرك نحو تدعيم هذه العلاقات عن طريق المشاريع والمبادرات التي تصب في النهاية في المصلحة التي يسعى إليها الطرفان.
من هنا فالمصالح العربية تكون أولا، وهي مترابطة بصرف النظر عن أي تطورات. وعليه ينبغي أن تقوم العلاقات بين الدول العربية على هذا الأساس. زيارة رئيس الوزراء العراقي للسعودية تأتي بالفعل في وقتها المناسب، في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة ككل، ولا سيما من جراء تدخلات النظام الإرهابي الإيراني في أكثر من بلد عربي، ونشر الكراهية والطائفية والخراب هنا وهناك. إيران بنظامها الذي يوفر كل الدعم اللازم للإرهاب بكل أنواعه، لا يمكن أن تكون جزءا من المسيرة السياسية في المنطقة، كما أنها ليست كذلك على الساحة الدولية. ويسعى هذا النظام الخبيث لتدمير ما أمكن له على الساحة العراقية، كما يفعل حاليا في سورية واليمن ولبنان، ناهيك عن بعض المناطق العربية التي يقوم بزرع خلاياه السرطانية الإجرامية فيها.
وأهمية زيارة رئيس الوزراء العراقي أيضا، تكمن في الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها مع المملكة والتي بلغت 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتوزع في قطاعات مختلفة، منها التجارة والطاقة والثقافة وغيرها. وهذا يؤكد مرة أخرى حرص السعودية على أن تكون العلاقات مع العراق مبنية عمليا وليس نظريا. ومن بين هذه الاتفاقيات اللافتة أيضا، تلك التي تتعلق بالتعاون السياسي بين البلدين. وهذه نقطة مهمة في هذا الوقت بالذات، وستنتج عوائد إيجابية مهمة في المستقبل القريب، خصوصا أن الهدف السعودي منها المصلحة العراقية أولا. أما بالنسبة للاتفاقيات الأخرى، فكل شيء مفتوح بين الجانبين، ويدعم المنهجية التي يجب أن تكون عليها علاقات مهمة كتلك التي تجمع الرياض ببغداد. 
الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعت تعكس بالفعل الحرص السعودي على علاقات متميزة مع العراق الشقيق. فهذا البلد يبقى شقيقا مر بمحنة صعبة. ومن هنا يمكن النظر إلى التنوع في هذه الاتفاقيات على أنه بحد ذاته استراتيجية مستقبلية لعلاقات قوية ومتنامية في المرحلة المقبلة. المملكة أبدت في كل المناسبات حرصها على المصلحة العربية العامة، ووقفت بقوة على الساحة الدولية دعما لهذه المصلحة التي تعدها جزءا أصيلا من استراتيجيتها التي تعتمدها منذ قيام الدولة السعودية نفسها. وزيارة رئيس الوزراء العراقي على رأس وفد متنوع الاختصاصات، يعطي مؤشرا مهما لمستقبل العلاقات المقبلة. الآفاق واسعة ومتجددة بين البلدين الشقيقين، وستمر بالمحطات التي يجب أن تمر بها، كما أنها ستوفر الأدوات اللازمة في ظل الإرادة السياسية القوية، لأجل مصلحة شعبي البلدين. إنها استراتيجية المملكة مع الأشقاء كلهم، فكيف الحال بالعراق الشقيق والجار؟!

إنشرها