Author

قطاع الخدمات والقيمة المضافة في التنمية

|

في العقود الخمسة الماضية، أثبت قطاع الخدمات على الساحة العالمية قدرته في كثير من المجالات، بما فيها العوائد الكبيرة، وتوفير الفرص الوظيفية، ودعم قطاعات أخرى محورية، يضاف إلى ذلك أن هذا القطاع يتمتع بمرونة عالية المستوى، فيما لو قورن بالقطاعات التجارية والاستثمارية الأخرى. والخدمات بشكلها العام أساسية في كل بلدان العالم. واللافت أنها تسهم بصورة كبيرة أيضا في مسيرة التنمية في الدول الناشئة، ما يدعم المسار الاقتصادي لهذه الدول، إلى جانب المصادر الاقتصادية المختلفة فيها.
ومن هنا، فإن قطاع الخدمات يحظى بحضور قوي على الساحة في بلدان العالم، ويسهم بقوة في الحراك الاقتصادي فيها. وتتفق كل الجهات الدولية المختصة على هذه الحقيقة، بل تتوقع كثيرا من التقدم في هذا القطاع الحيوي الهائل.
وعكست حقائق قطاع الخدمات عالميا، الأرقام التي صدرت حول الأداء الاقتصادي العالمي في العام الماضي. فقد شكل القطاع المذكور 50 في المائة من الاستثمارات في هذا العام، وهو مستوى جديد، لكنه كان متوقعا نظرا للأداء الممتاز للقطاع طوال السنوات القليلة الماضية. ويرى خبراء أن الخدمات قفزت قفزات نوعية في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، التي رسمت في الواقع شكل الاقتصاد العالمي الراهن. والأهم من هذا، أن صعود قطاع الخدمات في الهيكل الاقتصادي العالمي، أسهم في تغيير هيكل التجارة العالمية نفسه، ما دعم مسيرته المتصاعدة في الفترة الماضية، وما سيدعم هذه المسيرة في السنوات المقبلة. فالجميع يتفقون على أنه قطاع يسهم بقوة في دفع عجلة التنمية المستدامة. وهذه الأخيرة صارت مطلوبة بقوة في أعقاب الأزمة العالمية المشار إليها.
في الدول النامية، أظهرت الأرقام الحقيقية أن الخدمات مسؤولة عن 56 في المائة من الإنتاج، ولكن اللافت هنا أنها تحتضن ما يقرب من 56 في المائة من العمالة في هذه الدول. وهذا يعزز الحراك الاقتصادي فيها، علما بأنها تحقق تقدما واضحا على صعيد التنمية، ناهيك عن الأوضاع الجيدة فعلا في الدول الناشئة الأكثر تقدما. فالخدمات- كما هو معروف- تدخل في كل النسيج الاقتصادي: الصناعي والإنتاجي؛ ما يوفر الساحة الصحية لها، ويدفع باتجاه نموها الطبيعي. فقد فاقت أهمية قطاع الخدمات في بعض الدول، أهمية قطاع السلع نفسه، خصوصا أن دورها الرئيس في المجال الصناعي يشمل أيضا تنسيق العمليات الإنتاجية. ولذلك كان طبيعيا حدوث نمو كبير على ساحة التجارة في الخدمات.
لكن النقطة الأهم في كل هذا، أن قطاع الخدمات يدخل بقوة فيما يسمى "الاقتصاد الكلي"، ويتحول إلى أداة فاعلة في مجال التنمية المستدامة. ويرى خبراء دوليون، أن الأهمية تكمن أيضا في التجارة الدولية في الخدمات، بمعنى السماح بالوصول إلى الخدمات الأجنبية، أو المدخلات والعوامل التي تدعم الخدمات المحلية. وهذا بالطبع سيسهم بقوة في دعم "الاقتصاد الكلي. وهذا القطاع يشهد (دائما) تقدما على ساحة البلدان الكبرى، ليس فقط بسبب القطاعات المساندة له، أو المحتاجة إلى الخدمات، بل أيضا من جهة التشريعات الداعمة له، خصوصا إذا علمنا أنه يحتضن نسبا عالية من العمالة، وهذا ما تسعى إليه أي حكومة في العالم.
وفي كل الأحوال، سيمضي قطاع الخدمات قدما على الساحة العالمية، وإذا ما توافر له مزيد من الدعم التشريعي والمرونة، فإنه سيكرس قيمته المضافة على التنمية بشكل عام.

إنشرها