Author

لجان التيسير ودورها في الاقتصاد السعودي

|


جاءت "رؤية المملكة 2030" بمشروع تحول اقتصادي يتضمن دورا أكبر للقطاع الخاص في الاستدامة الاقتصادية، وهذا التحول الاستراتيجي يتطلب كثيرا من المبادرات التي تتعلق بالتمويل أو بالمشاريع أو الاجراءات بشكل عام، وقد انطلقت المبادرات منذ وقت مبكر من عمر "الرؤية"، ومن ذلك البرامج التي تضمنت إنشاء هيئات مختلفة وإعادة هيكلة الوزارات، ثم تم إطلاق مبادرات دعم القطاع الخاص ومن ضمنها مبادرة الدعم بمبلغ 200 مليار، ثم مبادرات برامج التخصيص، كما جاءت الأوامر السامية والتوجيهات بتحسين بيئة الأعمال والتحليل الدوري لإجراءات وخدمات الجهات الحكومية ورفع كفاءتها، وبهذا أصبحت مراجعة الإجراءات والقيام بالإصلاحات الإجرائية جزءا لا يتجزأ من مشروع التحول هذا، وتم تشكيل لجنة "تيسير" للقيام بهذه المهمة وتضم "تيسير" 19 لجنة فرعية وبمشاركة أكثر من 38 جهة حكومية وممثلين عن القطاع الخاص. ولعل أهم إنجازات هذه اللجنة يأتي واضحا ضمن مشروع "مِراس" الذي يوفر منصة رقمية لتقديم جميع الخدمات المقدّمة من الجهات الحكومية والقطاعات الخاصة ذات العلاقة ببدء العمل التجاري حيث تتم هذه الإجراءات كافة خلال يوم واحد فقط.
يأتي دور لجنة تيسير من منطلق مراقبة جميع الإجراءات القائمة حاليا، ومراقبة تأثير كل إجراء في مؤشر المملكة في التنافسية العالمية أو مؤشرات سهولة الأعمال وكل المؤشرات ذات العلاقة أو المكونة لهذه المؤشرات، فدراسة عمل هذه المؤشرات ومكوناتها وتطبيقاتها تمكّن لجنة تيسير من اكتشاف الإجراءات الحكومية التي تحتاج إلى دراسة وتطوير، وهذه الإصلاحات تحتاج بعد تحديدها وتعريفها إلى إعادة هندسة في الجهات الحكومية ذات العلاقة بشكل عام، وهذا جهد كبير ومضن، ورغم هذا فإن هذه اللجنة تقوم حتى الآن بعمل كبير يستحق الإشادة، حيث أنجزت عددا من الأمور، شملت إجراءات التجارة عبر الحدود، والتوسع في تطبيق برنامج "التزام" المشغل الاقتصادي المعتمد والمستخدم من قبل الجمارك، ولجنة تسجيل الملكية، ولجنة إنفاذ العقود لنشر الأحكام الصادرة في القضايا التجارية، وتطبيق التعديلات التنظيمية في الدعاوى التجارية. كما استطاعت اللجنة تحقيق عدد من أهدافها المشار إليها في موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت ومن بينها إصدار نظام الإفلاس وتطوير نظام وإجراءات المشتريات الحكومية، ولا يزال أمام اللجنة طموحات كبيرة ومن أهمها تطوير الأنظمة واللوائح التي تتعلق بالرهن التجاري لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص نسبة من التعاقدات الحكومية للشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى مشاريع أخرى ينتظرها الاقتصاد السعودي.
وأخيرا: قامت اللجنة بتنفيذ ستة مشاريع وإصلاحات جديدة لتحسين البيئة الاستثمارية في السعودية، وهي تتضمن إيجاد مزيد من التسهيلات الإنمائية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكما أشرنا أعلاه فإن الإجراءات تمس الأجهزة الحكومية وإعادة هندسة هذه الإجراءات بما يحقق الهدف المنشود، ولهذا تضمنت الإصلاحات تعزيز التحول الرقمي في الخدمات الحكومية، ووضع وتطبيق سياسات وقوانين الاستثمار، وتحسين جودة خدمات التعليم والقوى العاملة، إضافة إلى تمكين مشاركة المرأة في القوى العاملة.

إنشرها