Author

وبعدين معاكم

|


يقول أينشتاين
"ابق بعيدا عن السلبيين فهم يمتلكون مشكلة لكل حل"
قالت بغضب عاصف والكلمات تزدحم على شفتيها " أنا طفشت من حياتي ومن هالمجتمع اللي حولي ما أحد راض يفهمني، الحياة صارت نفاق زايد ما أحد يقدرني ويحترم وجودي أنا ما عندي حظ، خلاص قررت أعتزل الناس ".
ابتسمت لها بكل "كلافة" وأنا أقول في داخلي "عساها أبرك الساعات"، مثل هذه النوعية من الناس المتذمرين لو سافرت عبر الزمن وجمعت له النجوم ثم ثقبتها نجمة نجمة وصنعت له عقدا منها، لقال لك: "توقعتك ستحضر الشمس معك"، إلى متى يعتقد هؤلاء أننا سنحتمل وجودهم في حياتنا بكل ما يحملونه من إرث سلبي سوداوي متذمر من كل شيء في هذه الحياة، وإلى متى يعتقدون أننا "متفرغون" للاستماع لهم و"لتحلطمهم" وعدم رضاهم عن كل شيء وأي شيء، وإلى متى يعتقدون أننا سنصمد وهم في كل مرة يسحبوننا خلفهم نحو دهاليز السلبية و"إحنا نطبطب" عليهم ونتحمل أرواحهم السلبية حتى لا نجرح مشاعرهم، الإشكالية أن هذا السلبي حين تنتهي زيارته المشؤومة لك ستشعر أن الكون يضيق بأنفاسك، وأنك لم تعد ترى سوى الظلام، وستفرغ شحنتك السلبية فيمن حولك من الأحبة، بل ربما دخلت في دائرة الكآبة لبعض الوقت!
هذه المرأة التي قررت أن تعتزل المجتمع تمتلك أبناء وبنات يضرب بهم المثل في تفوقهم وأخلاقهم وفوق ذلك أصحاء، ورزقها الله زوجا رائعا ينشد رضاها، ومستواها المادي فوق الممتاز ولا تشتكي من مرض أو علة، وتمتلك منزلا فخما، وكل سنة تسافر إلى دولة جديدة، ورغم كل هذه النعم الموجودة التي ترفل فيها فإنها لا تركز إلا على المفقود، وتريد كل من حولها أن يداري خاطرها ضاربة عرض الحائط بظروف الناس ومشاغلهم، الشخص السلبي سيتسبب لك بانفصام الشخصية حين تستمع إليه وهو يتحدث عن الغبن والمظلومية واستغلال الآخرين له، بينما واقعه الحقيقي المعاش يخالف ذلك تماما.
حياتنا ليست حائط المبكى لهؤلاء البكائيين المتذمرين الذين لا يرون من الحياة إلا جانبها الأسود الحزين، فنحن أحيانا تنوء أرواحنا بأحمال وهموم تفوقهم لكننا نحمد الله ونشكره ونصبر ونتحمل ونتفاءل ونقول دائما "بكره أحلى"!
هناك فرق شاسع بين صديق يفضفض لك فيرتاح وتمنحه الأمل وبين سلبي متشائم "متحلطم" يجعل صبرك يفيض حتى تكاد ترتكب حماقة ما!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها