default Author

مدرسة الفراغ

|

هل الفراغ نعمة أم نقمة؟ هل يجب علينا أن نحارب أوقات الفراغ لأنها السبب في الانحرافات والمشكلات خصوصا في مرحلة الشباب حسب الدراسات الاجتماعية؟
لقد أدمنا العمل وصرنا نعيش لنعمل، ولم نعد نعمل لنعيش، استعبدتنا ساعات العمل وحرمتنا من نعمة الفراغ، فهل الفراغ مضيعة للوقت ووقت مهدر أم هو استثمار من نوع آخر؟
لحظة فراغ وتصفية ذهن حثت العالم جاليليو على تأمل تأرجح المصباح الكبير أمام الكنيسة الكاتدرائية في مدينة بيزا الإيطالية من جانب إلى آخر وقام بحساب توقيت التأرجح مقابل دقات نبضه ووجد أن كل تأرجح لبندول الساعة له عدد متساوٍ من ضربات القلب، فولدت نظرية "التماثل الزمني لبندول الساعة" وتفترض هذه النظرية أن أي شيء يتدلى من سلسلة أو حبل يأخذ فترات متساوية من الوقت للتأرجح من جانب إلى آخر, بغض النظر عما إذا كان مقدار التأرجح كبيرا أو صغيرا ساعدت نظريته في حدوث تقدم علمي كبير على مدار قرون, منها تحديد شكل كوكب الأرض وإثبات أنه متحرك.
وأرخميدس الذي كان في حمامه عندما أدرك أن المياه التي فاضت عند دخوله إلى حوض الاستحمام كانت هي الحل للمهمة التي طلبها منه الملك هيرون عندما أمره بتحديد نقاء تاج ذهبي كان قد قدم إليه، إذ أدرك فجأة وهو مسترخ داخل حمامه أنه يمكنه استخدام إزاحة المياه لتحديد حجم وكثافة التاج.
أما آرت فراي الذي كان كيميائيا بارزا في شركة 3M الأمريكية تمكن من اختراع لا يخلو منه مكتب ولا يستغني عنه طالب. ففي لحظة تأمل وهو يطالع كتاب الأغاني خاصته أراد أن يضع علامة على الكتاب فأخذ قطعة من الورق ووضع عليها قليلا من المادة اللاصقة سهلة الإزالة التي اخترعها زميله سبنسر سيلفر ومن هنا وولدت "الاستيكي نوت".
والأخوان رايت عندما كانا في وقت فراغهما يراقبان النسور وأدركا حينها كيف كانت النسور تدير أجنحتها وتتحكم بها عند التحليق في الجو. فحتى ذلك الحين، كانت مشكلة انحراف الطائرات واستدارتها بسلام قد حيرت الطيارين وأدت إلى حوادث مميتة لمن حاولوا الطيران من قبل.
ومن الغريب أن أصل كلمة فراغ أتى من الكلمة اليونانية "سكولي" وسميت المؤسسات التعليمية التي تعد النشء لتولي الأعمال بسكول أو مدرسة. وهذا خلاف لما كانت عليه أوقات الفراغ في الماضي حيث كانت تستخدم للترفيه وممارسة نشاط التأمل وتوفير مساحة للتفكير والصمت والسكينة.
باستعادتنا لأوقات الفراغ سنستعيد إنسانيتنا ونكتشف الجوانب الإبداعية فينا.

إنشرها