Author

الذكاء الاصطناعي .. أداة لصنع القرار

|

لا بد من تبني حقيقة أننا أصبحنا نعيش في زمن متطور، وضرورة التعامل مع هذا التقدم العلمي والتقني من أجل استدامة ما وصلنا إليه والانطلاق إلى مستقبل القرن المقبل. منذ منتصف القرن الـ18 الميلادي بدأت الثورة الصناعية الأولى، التي فتحت الباب على مصراعيه للعولمة والتقدم وما تبع ذلك من تطورات الثورة الصناعية الثانية، والثالثة وحاليا الرابعة. يتسم هذا العصر بسمة الذكاء الاصطناعي كأحد أهم محاور المستقبل على وجه الأرض. يقصد بالذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence AI: محاكاة وتجاوز العقل البشري من خلال قدرات تجميع البيانات وتحليلها، واتخاذ قرارات تتسم بالذكاء والدقة ودرجة عالية من الصحة. هذا التطور المنطقي لنتائج الثورة الصناعية الثالثة أو الثورة الرقمية التي بدأت مع ثمانينيات القرن الماضي، وانتهت بالتطور الحاصل في الاتصالات وشبكات الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات. وأعطت مؤشرا لما سيحصل خلال الـ50 عاما المقبلة من تطور معرفي يعتمد على مقدرات تقنية تفوق المقدرات البشرية في اتخاذ وصنع القرار. كثير من مجالات الذكاء الاصطناعي بدأ يظهر في هذا العصر، وستقتحم هذه التقنيات سوق العمل، وتتدخل في كثير من الوظائف التي يشغلها البشر حاليا ومنها أعمال المحاماة، وإدارة المشاريع، والاستثمار وقيادة المركبات والطائرات، والعمليات الجراحية الدقيقة والمعقدة، إضافة إلى عمليات البيع والتجزئة وخدمة العملاء والتعليم والترجمة والكتابة وغيرها من الأعمال التي كانت حكرا على البشر الأذكياء منهم فقط. عبارة "الثورة الصناعية الرابعة" ظهرت وأعلنت في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2016، حيث يصفها كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي بقدرة هذه التقنيات على الاستمرار في إيصال مليارات البشر إلى الويب وتحسين كفاءة الأعمال والمؤسسات بشكل جذري، والمساعدة في تجديد البيئة الطبيعية من خلال إدارة أفضل للأصول.
وبدأت فعليا تخرج لنا بعض المنتجات التي تساعد متخذ القرار في الوصول إلى قرار مبني على بيانات وتحليلات وتنبؤات ذات قدرة على الوصول إلى قرارات ذات درجة عالية من الموثوقية. وأصبح كثير من الشركات العالمية يعتمد على منصات الذكاء الاصطناعي من أجل اتخاذ قرارات تسهم في تحقيق مكاسب اقتصادية وتوسعية. هذه الشركات بدأت في الاعتماد على الخوارزميات المستقلة أكثر من المديرين الموهوبين، وأصبح اليوم علم الإدارة بالخوارزميات Management by Algorithm من بين المهارات التي تحرص الشركات على توفيرها لضمان الاستدامة والدقة في اتخاذ القرارات.
ظهور الذكاء الاصطناعي يعد مهددا لكثير من الوظائف والمهن، ومع وجود بعض العوائق أو اختلاق العوائق لتأخير ذلك، سيأتي يوم ويصبح هذا الذكاء هو المسيطر على كثير من الأعمال الحالية، ولن نتطرق في هذا المقال لمخاطر ارتفاع البطالة أو غير ذلك، وسيكون لها مقال منفرد. يقول أندرو نيج رئيس العلماء لشركة بايدو لمجلة فورتشن Fortune "أنت بحاجة إلى رئيس لشؤون الذكاء الاصطناعي". وهنا أقول إنها فرصة كبيرة لوزرائنا للاعتماد على AI في اتخاذ القرارات وتوجيه الموارد. في هذا الوقت أصبحت أدوات التخطيط واتخاذ القرار والرقابة في متناول اليد، وإذا لم توظف لتحقيق النجاح؛ فستستغل لعكسه. و"رؤية المملكة 2030" تعتمد على توظيف التقنية وتحسين عمليات اتخاذ القرار، بما يحقق الاستدامة والتفوق الإقليمي والعالمي من خلال قدرات بشرية مؤهلة للمشاركة في قيادة التقدم العالمي لتحسين إجراءات اتخاذ القرار ووضع بصمة في هذا الاتجاه.

إنشرها