أخبار اقتصادية- عالمية

انقسامات أوروبية حادة حيال دبلوماسية الصين التجارية

 انقسامات أوروبية حادة حيال دبلوماسية الصين التجارية

بدأ الرئيس الصيني شي جين بينج أمس، الشق الرسمي من زيارته لفرنسا حيث يعتزم نظيره إيمانويل ماكرون حضه على الالتزام بقواعد النهج التعددي، وسط انقسامات أوروبية حيال حملة بكين الدبلوماسية-التجارية. وبحسب "الفرنسية"، فإن العملاق الصيني يقوم بتغيير وجه العالم على جميع الأصعدة، من الحوكمة العالمية إلى القواعد التجارية مرورا باحترام البيئة وعمليات الاستثمار، من خلال توظيفه استثمارات كثيفة في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في سياق مشروعه "طرق الحرير الجديدة".
ويود ماكرون وضع إطار لضبط هذه الهجمة الصينية والتوصل إلى موقف أوروبي مشترك بوجهها.
وكتب الرئيس الفرنسي البارحة الأولى على "تويتر": "هذه الزيارة ستعزز شراكتنا الاستراتيجية وتؤكد دور فرنسا وأوروبا والصين من أجل تعددية قوية"، وذلك بعد استقباله نظيره الصيني في بوليو سور مير على ساحل كوت دازور، حيث تناول الرئيسان العشاء برفقة زوجتيهما ضمن الشق الخاص من زيارة شي. ووصل الرئيس الصيني أمس الأول إلى فرنسا قادما من إيطاليا بعد محطة في موناكو، وقضى الليل في فندق "ناجريسكو" الفخم في نيس.
لكن الشق الأهم من زيارة الدولة هذه يبدأ اليوم حين تنضم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وجان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية إلى الرئيسين في قصر الإليزيه.
والواقع أن التعددية في مأزق في العالم، ما بين الطموحات الصينية الهائلة ونهج الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القائم على المفاوضات الثنائية المباشرة بين الدول.
وحيال هذا الوضع، لم يعتمد الاتحاد الأوروبي الذي يشكل سوقا هائلة خطا سياسيا واضحا حيال بكين، وبدأت بعض بلدانه تستسلم للعروض الصينية المغرية.
وتسعى الصين منذ سنوات للتقرب من دول أوروبا الوسطى في سياق شراكة "16+1"، واستثمرت في عدد من القطاعات الاستراتيجية في بعض دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما في مرفأ بيرايوس في اليونان وأكبر شركة كهرباء في البرتغال، وسط تصاعد المنافسة التجارية بين واشنطن وبكين.
لكن الصين تواصل بسط نفوذها الاقتصادي وتمكنت من ضم إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي، إلى "طرق الحرير الجديدة"، خطتها الضخمة لنشر بنى تحتية بحرية وبرية تربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.
ووقعت إيطاليا الجمعة الماضي اتفاقات تتضمن استثمارات صينية في مرفأي جنوى وترييستي، في انفتاح على الصين أثار قلق بعض القادة الأوروبيين الذين انتقدوا الحكومة الإيطالية الشعبوية.
ولفت المفوض الأوروبي جونتر أوتينجر "بقلق إلى أن بنى تحتية استراتيجية مهمة مثل شبكات الكهرباء أو خطوط القطارات فائقة السرعة أو المرافئ، لم تعد بأيد أوروبية بل صينية".
وأضاف "أوروبا بحاجة ماسة إلى استراتيجية حيال الصين".
وكان ماكرون دعا الخميس الماضي إلى "التنبه والدفاع عن السيادة الأوروبية" بوجه بكين التي وصفتها المفوضية الأوروبية بأنها "خصم على جميع الأصعدة".
وقال هايكو ماس وزير الخارجية الألماني لصحيفة "فيلت أم زونتاج" الألمانية الصادرة أمس الأول "في عالم يضم عمالقة مثل الصين وروسيا أو شركاءنا مثل الولايات المتحدة، لن يكون بوسعنا الاستمرار إن لم نكن متحدين كاتحاد أوروبي".
وتابع "إن كانت بعض الدول تعتقد أن بوسعها عقد صفقات مربحة مع الصينيين، ستفاجأ عندما تدرك أنها أصبحت دولا تابعة"، مشيرا إلى أن "الصين ليست ديمقراطية ليبرالية"، في وقت تندد منظمات غير حكومية عديدة بانتظام بارتكاب بكين انتهاكات لحقوق الإنسان.
وسيسعى الرئيس الفرنسي للتوصل مع ميركل ويونكر إلى موقف أوروبي موحد، ولو أنه من غير المؤكد أن يتمكنوا من إقناع الدول الأعضاء الأخرى بالانضمام إليهم.
ويأمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإقناع الرئيس الصيني شي جين بينج بأن يعمل بشكل منسق مع الأوروبيين على إقامة "نظام عالمي جديد"، وتبدو مهمة ماكرون دقيقة بالنظر إلى الطموحات الدبلوماسية والتجارية لبكين والانقسامات القائمة في أوروبا.
وفي مقابلة مع صحيفة "نيس- ماتن" عد ماكرون أن "العلاقة بين البلدين هي أحد عناصر إعادة تشكيل (نظام) جديد متعدد الطرف" في ظل الهجمة التي يتعرض لها من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
كما يرغب ماكرون في "صحوة أوروبية" في مواجهة بكين.
ويطمح الرئيس الفرنسي إلى أن يتيح هذا اللقاء الأول العمل على "تحديد مشترك (لملامح) نظام عالمي جديد"، بحسب ما صرح لصحيفة "نيس- ماتن".
لكن الاتحاد الأوروبي المترامي الأطراف والسوق الجذابة، لا تملك موقفا واضحا تجاه الصين بل إن بعض دوله بدأ يتجاوب مع الإغراءات الصينية.
وبحسب "الألمانية"، توقعت مصادر حكومية فرنسية توقيع عدد من الصفقات خلال الزيارة، دون الكشف عن التفاصيل.
وهناك تكهنات في فرنسا بأن زيارة شي قد تشهد استكمال اتفاق بشأن طلب الصين 184 طائرة من تصنيع إيرباص، وهو الأمر الذي تم الكشف عنه للمرة الأولى خلال زيارة رسمية قام بها ماكرون للصين العام الماضي.
وقالت مصادر من الإليزيه، إن ماكرون سيضغط على شي من أجل إتاحة وصول أفضل للأسواق الصينية.
وقد يتم إثارة الأمر اليوم، عندما تنضم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وجاد كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية للرئيسين للمشاركة في اجتماع وصف بأنه "اجتماع رفيع المستوى يتعلق بتحديات العلاقات متعددة الأطراف".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية