الاتجاهات العالمية للسيطرة على الأزمات المالية

ظهرت هناك اتجاهات ناشئة للسيطرة على الأزمات المالية عن طريق مجموعة واسعة من التنظيمات والإجراءات الاحترازية إلا أن آثار الأزمة المالية في عامي 2007 - 2008 ما زالت تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، وأدى نقص رأس المال عقب الأزمة إلى سلسلة غير منتهية من الآثار على المدى القصير في صورة خسائر مالية مباشرة وعلى المدى الطويل كان هناك تراجع في معدل نمو الإنتاج وبالتالي تراجع الطلب العالمي حتى وصل إلى أسواق النفط والسلع الأساسية.
طفرات الائتمان وتخفيف القيود التنظيمية على الأسواق يظهر في أوقات الازدهار الاقتصادي؛ أوجد لنا أسواقا ذات تفاعل تسلسلي ميكانيكي أو ما يعرف بأسواق لها سلوك الدومينو Domino Effect ولعل المستفيد النهائي هو الدولة القادرة على التحكم في سعر الفائدة في الأسواق. وعلى الرغم من ذلك ظهرت لدينا مؤسسات وكيانات اقتصادية لا تخضع غالبا لأسعار الفائدة الرسمية من البنك المركزي كمؤسسات صيرفة الظل أو تمويل الظل أو بنوك الظل، تلك المؤسسات لا تستخدم أموال المودعين في الإقراض وإنما تقوم بجمع أموال قصيرة الأجل لشراء أصول طويلة الأجل أو استخدام فوائض مالية أو مدخرات لتقديم قروض أو القيام بعمليات وساطة ائتمانية، ولعل المحافظ العقارية نموذج لهذا النوع من المؤسسات إضافة إلى تنفيذ عمليات أخرى أكثر خطورة مثل شراء أوراق مالية معقدة؛ لذا يقوم كثير من المصارف التقليدية بتأسيس بنوك ظل بهدف تقديم تمويل بعيد عن سياسات البنك المركزي.
قد لا يكون مسمى بنوك الظل منتشرا بين كثير من الماليين إلا أن المعنيين بالسياسات الاقتصادية أكثر قربا من هذا المصطلح لدراسة الأمور التي تتعلق بمسببات عدم الاستقرار المالي من حيث سلوك الكيانات الاقتصادية المالية غير المصرفية التي ثبت أنها مصدر الأزمات المالية.
يعد تمويل الظل في الصين من أهم أدوات تحفيز النمو ويؤدي هذا الدور مؤسسات خاصة وحكومية وتقوم بعض المصارف التقليدية بتأسيس بنوك ظل كتجميع للأموال قصيرة الأجل بهدف تمويل مؤسسات تجارية أو تمويل أفراد بسياسات بعيدة عن البنك المركزي. وعلى الرغم من خطورة بنوك الظل في حال خروجها عن السيطرة إلا أنها أداة فعالة في تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي وتكمن خطورتها في أن لها تداعيات في أوقات الأزمات؛ عندما لا يكون هناك تشريع قوي يحمي مصالح المستهلك المالي أو نظام لتقاسم المخاطر الناشئة.
الاتجاهات الجديدة لمنع أثر الدومينو المالي Financial Domino Effect وتحقيق الاستقرار المالي؛ قررت مجموعة العشرين تأسيس مجلس الاستقرار المالي FSB بهدف وضع التوصيات والتنظيمات التي تمنع حدوث الأزمات المالية، ثم إن جميع الاتجاهات الحديثة لمنع الأزمات المالية تركز على تشديد الحوكمة الكلية وزيادة الشفافية والرقابة المسؤولة على المؤسسات المالية بما ذلك وكالات التصنيف الائتماني وتعزيز كفاءة الأسواق المالية وتوفير الحماية اللازمة للمستهلك المالي.