Author

الحياة الوردية

|


تصحو الزوجة من نومها بكامل ماكياجها، فتضغط زر كاميرا "السناب" ويبدأ التصوير اليومي، حيث تجد زوجها قد وضع لها وردة حمراء فوق وسادته فتبتسم بسعادة وهي تهمس "وااااو كيوووت" ثم تخرج للصالة حيث أعد لها صينية الفطور بطريقة "تفتح النفس" وصوت فيروز ينساب برقة بالغة، يتناولان فطورهما وصدى ضحكاتهما الرومانسية يصدح في أرجاء المنزل، ثم يهمس لها زوجها: "حبيبتي فيه هدايا كثير وصلتك اليوم تحبين تشوفينها؟" فتستدرك هي بسرعة "وإنت فيه هدايا من أمس وصلتك يا حبيبي"، ويبدآن في فتح الهدايا الثمينة "وهاتك يا تصوير" ثم يحين وقت الغداء فيرتديان ثيابا أنيقة استعدادا للخروج فالزوجة لا تطبخ أبدا في الحياة الوردية، يركبان سيارتهما الفاخرة ويتجهان إلى أحد المطاعم الفخمة فيتوافد عليهما كل "جرسونات" المطعم يحملان لهما جميع الأصناف الموجودة من مقبلات وأطباق رئيسة وحلويات وهما يتذوقان ويمدحان ويصوران، ثم يذهبان لمطعم ثان وثالث ورابع وسيناريو المدح نفسه يتكرر في كل مرة، حتى تكاد تصيبك لوثة عقلية فتتساءل "طيب الحين أي واحد من المطاعم أحسن من الثاني؟"، ثم يخرجان ليركبا سيارتهما الفارهة وهما يتبادلان الكلام الرقيق والغزل اللطيف ويتحدثان عن مشاريعهما وفجأة يشعران بالجوع، فيعرجان على محل "كوفي" هادئ رومانسي وقبل أن يطلبا قهوتهما يتسابق موظفو "الكوفي" بإحضار جميع الأصناف لهما من مشروبات وفطائر وحلويات، ثم تبدأ عملية "الردح" في كيل كلمات المديح و"هاتك يا تصوير".
في الحياة الوردية حين تشرف شمس اليوم على المغيب يتوجه الزوجان يوميا إلى "المولات" التجارية للتسوق من محال الماركات من ملابس وأحذية وعطور وماكياج وطبعا سيخبرانك بأسعار الماركات التي لو "كرفت كرف" ما قدرت تشتري مثلها دون أن تقع في مأزق مالي، لكن من شدة رقتهما سيبشرانك أن هناك خصما 20 في المائة لأنك من "حبايبهم".
ثم يأتي الليل في الحياة الوردية فيبتسم الزوج لزوجته ويتحدثان عن المطاعم و"المولات" والمحال والكافيهات والهدايا وأماكن السفر التي ستكون بجدولهما في الغد، هذه الحياة الوردية لمن يطلق عليهما في عالم "السناب" "couple" أو الفاشينستا وزوجها، هي صورة مزيفة مصطنعة مادية هدفها الأكبر المادة فقط، لكن خلف الكواليس هناك حياة بائسة مريرة لن تستطيع أموال العالم أجمعها أن تنفث الروح فيها، هذه الصورة المزيفة تسهم في خداع الآخرين خصوصا الأزواج الجدد فتغرس عدم الرضا والقناعة في نفوسهم وتجعلهم ساخطين على حياتهم، حان دور العقلاء للتدخل قبل أن تنهار صورة الزواج الحقيقية العميقة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها