أخبار اقتصادية- عالمية

«الذكاء الاصطناعي» .. ميدان للمنافسة التجارية بين أمريكا والصين

 «الذكاء الاصطناعي» .. ميدان للمنافسة التجارية بين أمريكا والصين

"الذكاء الاصطناعي جاء ليبقى".. " لا يمكنك أن تتوقع حلولا لتحديات كبيرة سوى بالتقنية الجديدة .. والعالم دون ذكاء اصطناعي عبارة عن مكاسب اقتصادية معطلة".
هذا جوهر ما قاله عديد من المختصين في اجتماع عقد في المنظمة العالمية للملكية الفكرية "ويبو" أخيرا، ونشرت خلاله تقريرا حول براءات الاختراع الاصطناعية والمنشورات العلمية، ما يدل على زيادة حادة في كلتيهما، في الوقت الذي تقود فيه الصين والولايات المتحدة تلك المباراة التجارية، بينما ما زالت أوروبا خارج الخدمة. ويعد هذا التقرير الأول في سلسلة منشورات المنظمة العالمية للملكية الفكرية المتعلقة باتجاهات التقنية.
ودعت المنظمة فريقا من المختصين والخبراء إلى التعليق على التقرير وعرض آرائه بشأن الذكاء الاصطناعي قبل إطلاق التقرير، وأشار فرانسس جراي المدير العام لـ"ويبو" إلى أنه يأمل في الشروع إلى مناقشة الذكاء الاصطناعي مع أعضاء "ويبو" في منتصف 2019، وعدم تقديم أي أدلة إضافية عن الشكل الذي ستتخذه هذه المناقشة، لكنه قال، إن المناقشة ستقتصر على ولاية "ويبو" في مجال الذكاء الاصطناعي، والميدان الذي ستلعبه في هذا المجال.
وحسب تعبير أندرو نك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "هبوط الذكاء الاصطناعي"، في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. فإن "الذكاء الاصطناعي هو الكهرباء الجديدة"، متوقعا، أن كل صناعة وكل اقتصاد سيتأثر بهذه التقنية المعطلة للنشاط البشري.
وحذر أندرو نك، من قدرة الذكاء الاصطناعي على حل التحديات الكبرى في الوقت الحاضر مثل تغير المناخ، والتعليم، والرعاية الصحية، مشيرا إلى تلك التقنية التي تؤثر في عديد من الوظائف التقليدية.
وطالب أندرو نك، الحكومات بالاستثمار في التعليم، حتى يتمكن الجميع من الاستفادة من صعود الذكاء الاصطناعي، وبذلك يتمكن الناس من الحصول على إمكانات التعلم مدى الحياة.
وشدد أندرو نك، على أهمية تنظيم الذكاء الاصطناعي، لكنه قال، إنه يجب أن يكون مدروسا من أجل حماية المواطنين في الوقت الذي يوفر فيه أيضا مجالات للابتكار الإيجابي.
و"ينبغي للبلدان النامية ألا تحاول إعادة اختراع العجلة"، وفقا لما ذكره أندرو نك، بدلا من ذلك عليها أن تستغل مواطن قوتها، "وعلى سبيل المثال، فإن البلدان التي لديها صناعة تعدين يمكنها أن تسعى إلى تطوير حلول الذكاء الاصطناعي للتعدين، ويمكن للبلدان المنتجة للبن أن تقوم بأتمتة استغلال البن، وكيفية برمجة إجراءات الزراعة في المزارع وصولا إلى تصدير حبوب البن".
ويرى أندرو نك، أن معظم القيمة التي سيجلبها الذكاء الاصطناعي لم يتم إنشاؤها بعد، حيث سيتم بناؤها في المستقبل، إذ تكون هناك فرص للجميع، بما في ذلك البلدان الصغيرة والاقتصادات النامية.
وقال أندرو نك، "في لحظة الاضطراب التقني، تظهر أهمية الدور الذي تلعبه الحكومات، إذا عملت الحكومات، والجامعات، والصناعة معا لتشجيع التعليم والابتكار، فإن جميع الأمم وجميع الشعوب لديها الفرصة لتكون جزءا من هذا الاقتصاد الجديد للذكاء الاصطناعي".
من جانبه، تحدث رونجبينج مو، رئيس معاهد العلوم والتنمية في الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين عن المراكز الثلاثة للملكية الفكرية التي أقيمت في السنوات الأخيرة.
وقال رونجبينج مو، إن "واحدا يعالج البحث والتدريب، والثاني المعلومات والخدمات، والأخير التجارة والتسويق"، مضيفا أنه من المهم تعزيز التعاون بين معاهد البحوث والصناعة من خلال الحكومات المحلية والمراكز الإقليمية لنقل التقنية، مضيفا "الملكية الفكرية هي جسر بين البحث والاقتصاد".
وأشار رونجبينج مو، إلى أن تقرير "ويبو" يوفر معلومات مهمة للحكومات ويقدم معدل نمو، وحصة حجم براءات الذكاء الاصطناعي. وأوضح أنه قد يكون من المنطقي تغيير سياسات التعاون، وتعديل سياسات العلوم والابتكار في المنطقة والدول.
وأفاد رونجبينج مو، بأن المستقبل يعتمد على التقنية، ولكن أيضا على الخيارات، خاصة على اختيار التقنيات التي سيكون لها تأثير إيجابي في المجتمع.
ومع قيادة الولايات المتحدة والصين المباراة في الذكاء الاصطناعي، وبراءات الاختراع، والمنشورات العلمية، تساءل فرد من الجمهور عن مستقبل الآفاق لأوروبا في العامين المقبلين.
من جهته، ذكر أريخ رووتش، مدير التقنية والملكية الفكرية في مؤسسة "آي بي إم"، أنه فوجئ، بعدم وجود الشركات الأوروبية بين الشركات الرائدة في التقرير، باستثناء "سيمنز".
وأضاف رووتش، أنه بالنسبة للذكاء الاصطناعي، فإن الوصول إلى البيانات والتحكم فيها هو جانب مهم من نظام الابتكار، مشيرا إلى أن هناك دعما حكوميا ضخما في الشركات الخاصة، لافتا إلى الاستثمار الحكومي الصيني في الذكاء الاصطناعي، ودعا أوروبا إلى إعادة النظر في لوائحها وقوانينها الوطنية لدفع الذكاء الاصطناعي إلى الأمام.
وطالب فلوريانو، مدير المركز الوطني السويسري للروبوتات، بمزيد من الاستثمار في أوروبا في الروبوتات والذكاء الاصطناعي، لافتا إلى البرنامج الصيني "صنع في الصين 2025".
ولفت البروفيسور داريو فلوريانو، مدير مختبر الأنظمة الذكية، والمدرسة المتعددة التقنيات "إي بي إف إل"، والمركز الوطني السويسري للروبوتات في لوزان، إلى أنه فوجئ بأن عدد براءات الاختراع في ميدان "الروبوتات" أقل بكثير من براءات الاختراع في الذكاء الاصطناعي.
وذكر فلوريانو، أن أحد الأسباب هو أن تقرير "ويبو" يركز على الذكاء الاصطناعي لكن "الروبوتات" تشمل أيضا مجالات مثل الميكاترونيك، وأجهزة الاستشعار، والمنشطات، والتصاميم الميكانيكية، وأن هذه الكلمات الرئيسة ليست دائما بالضرورة مدرجة في بحوث البراءات.
وأكد فلوريانو، وجود كثير من المنشورات العلمية عن تطبيقات براءات الاختراع في الروبوتات تظهر أنه حقل في نمو سريع.
وقال فلوريانو، إنه يمكن تطبيق الروبوتات في عديد من المجالات، مثل مرافقة الآلات التي تقوم بعمليات التفتيش، وضمان السلامة، والمجتمع المسن، ونقل البشر والبضائع، ومع ظهور طائرات دون طيار لأغراض تسليم البضائع والطرود.
والذكاء الاصطناعي المستند إلى برامج الحواسيب، التي تعتمد على قواعد بيانات كبيرة جدا، ستكون هناك حاجة إلى خوارزميات جديدة للروبوتات، قادرة على التعلم والاستفادة بمقدار ضئيل من البيانات، مثل كثير من البشر والحيوانات، التي لا تحتاج إلى الملايين من وحدات البيانات والتعديلات لأداء مهامها.
وتوقع أريخ رووتش، مدير التقنية والملكية الفكرية في مؤسسة "آي بي إم" للبحوث في سويسرا، أن يصبح الذكاء الاصطناعي تقنية واسعة الانتشار مثل الإنترنت، مضيفا أنه الآن كبير جدا، لكن في غضون سنوات قليلة، سيكون جزءا لا يتجزأ في كل نشاط وفي كل مكان.
وقال نوربرت إنتروب، "كنت من المنتسبين إلى شركة سيمنز في قطاع الغسالات، أطلب منكم الآن أن تعيدوا النظر في هذه الشركة. أنا الآن رئيس قسم التقنية وإدارة الابتكار في الشركة في ميونيخ".
وأكد إنتروب، أن "سيمنز" لاعب صناعي كبير في مجال الأتمتة، الذي هو في صميم التحديات الأساسية للبشرية، بما في ذلك التحضر، وتغير المناخ.
وأوضح إنتروب، أنه ليس من المستغرب أن يحتل قطاع الصحة مكانة بارزة في تقرير "ويبو"، مضيفا "سيمنز هي الشركة الرائدة في العالم في مجال التشخيص الطبي. البيانات التي يحتاج إليها الأطباء للمعالجة ازدادت زيادة هائلة، المسألة لم تعد مسألة قياس درجة الحرارة وضغط الدم".
وأشار إنتروب، إلى أن التقنية يمكن أن تساعد الأطباء على التشخيص والصور الطبية تفسر الأمر، أما بالنسبة للصناعات الأخرى، يمكن للذكاء الاصطناعي التطبيق على الأجهزة المعقدة مع آلية معقدة للتحكم، مثل توربينات إنتاج الطاقة من الرياح، حيث إن هذه التوربينات تتفاعل مع بعضها بعضا، حتى أفضل المهندسين لا يمكن أن يفهم حقا ما يحدث مع تلك التفاعلات المعقدة بين الرياح والطقس، والتوربينات المختلفة.
وأكد إنتروب، أنه يمكن للخوارزميات تحسين الكفاءة بنسبة 3 في المائة، وهي نسبة تمثل مكاسب اقتصادية هائلة.
من جهته، قال البروفيسور يندالونا بهونجس، من كلية الطب في جامعة نيويورك، إنه "من غير المحتمل أن يحل الروبوت محل الجراحين في المستقبل. هناك معايير القيمة والمعيشة، والعوامل الاجتماعية، والأسرة التي تؤثر في القرارات التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحلها".
ومن بين الجمهور، تحدث محلل براءات الاختراع في شركة نستله السويسرية للصناعات الغذائية عما دعاه "الفيلة في الغرفة"، معتبرا أن "هناك عدم كفاية في الكشف عن نماذج الذكاء الاصطناعي"، لافتا إلى أنه من المهم جدا أن تحدد بما فيه الكفاية الطرق لوصف نماذج الذكاء الاصطناعي بوضوح.
وذكر محلل براءات الاختراع في "نستله" أنه ما لم يتم وضع بعض المواصفات والقواعد للكشف عن نماذج الذكاء الاصطناعي، وتوصيفها بشكل كاف، فإنها ستؤدي إلى كثير من حالات المناطق الرمادية، وعدم اليقين القانوني للشركات.
بدوره، أجاب المدير العام لـ"ويبو"، إن كفاية الإفصاح في طلبات البراءات قد ناقشتها الدول الأعضاء في "ويبو" لفترة طويلة، خاصة في المجال الإحيائي، ومن المثير للاهتمام أن يأتي هذا الموضوع الآن إلى الذكاء الاصطناعي.
ويرى أنتروب، أن "جعل نماذج الذكاء الاصطناعي متاحة بأكملها للجمهور إنما هو أمر لن يساعد كثيرا، وسيعوق الابتكار". وأكد أن الشركات تحتاج إلى بعض الأسرار التجارية رغم كل شيء، لكنه أشار إلى أن الخوارزميات بحاجة إلى أن تصبح قابلة للتفسير.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية