FINANCIAL TIMES

توجه المستثمرين إلى السوق .. حالة أوزبكستان

توجه المستثمرين إلى السوق .. حالة أوزبكستان

في الطابق الثاني من مبنى إداري في وسط مدينة طشقند، يروج صاحب المشاريع أكمل خوجانوف أعماله لنحو 12 أجنبيا من المستثمرين وممولي الشركات.
شركته فاك- ماك، حاصرت سوق الذرة المعبأة بطريقة تفريغ الهواء على السنبلة في أوزبكستان.
الآن يريد أن تتوسع الشركة في روسيا، حيث الطلب المزدهر بزرع مزيد من الذرة التي يعمل عليها.
المستثمرون، وهم مجموعة انتقائية من المملكة المتحدة، والقارة الأوروبية ووسط آسيا، يحبون الشركة إلا أنهم يرون أنها يجب أن تركز على العلامة التجارية وليس على الزراعة.
هذه جبهة جديدة في الاستثمار الحديث، حيث أسعار الفائدة وعوائد السندات في الأسواق المتقدمة في أدنى مستوياتها، فيما تظهر علامات قليلة على الارتفاع، وهو وضع يدفع المستثمرين إلى البحث بدقة في العالم عن عوائد أكثر جاذبية.
يعتقد البعض أن أوزبكستان تقدم فرصة استثمارية نادرة للغاية – فهي سوق ضخمة في آسيا الوسطى، لم تتأثر برأس المال الغربي. وها هي بعد أعوام من العزلة تختار انفتاح البلاد أمام الآخرين.
قال سوين لورنتز، المستثمر الألماني في القطاع الخاص الذي يركز على الأسواق الناشئة منذ أوائل التسعينيات: "أنا مندهش إلى حد ما أنني هنا".
لقد انضم إلى مجموعة بقيادة صندوق التحوط ستيرجين كابيتال القائم في لندن، المتخصص فيما يسمى بـ"أسواق التخوم"، في رحلة إلى بلاد آسيا الوسطى الشهر الماضي.
أضاف لورنتز: "هذه هي الآن واحدة من الفرص القليلة جدا في العالم، حيث سوق رأسمالية لا تزال في بداياتها المبكرة، وما زالت القوانين تكتب الآن، وفي الأفق منتجات جديدة تنشأ، وشركات يتم خصخصتها. هنا تكمن الفرصة".
صندوق ستيرجين وشركاه حريصاء على الاستفادة من الفرص في بلد يافع يبلغ عدد سكانه 33 مليون نسمة، أي ضعف عدد سكان الدولة المجاورة كازاخستان، إلا أنها أكثر فقرا بكثير.
حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بلغت أكثر من ستة آلاف دولار بقليل على أساس معادل القوة الشرائية في عام 2017، مقارنة بـ24 ألف دولار في كازاخستان، وذلك وفقا للبنك الدولي.
في عهد الرئيس السابق إسلام كاريموف، كانت أوزبكستان تصنف إلى جانب كوريا الشمالية، من حيث الحقوق السياسية والحريات المدنية فيها.
في ظل قيود صارمة على العملة وانتشار الفساد على نطاق واسع، كانت البلاد مغلقة تماما بالنسبة إلى معظم المستثمرين.
إلا أنه بعد وفاة كاريموف في عام 2016، فاجأ الرئيس الجديد شوكت ميرزييوييف، الذي خدم في عهد كاريموف كرئيس للوزراء، المجتمع الدولي من خلال الشروع في إصلاحات كبيرة.
تم الإفراج عن السجناء السياسيين، ورفع القيود عن صرف العملات وتشجيع النقاش السياسي – على الرغم من أن مجموعة الحملات الأمريكية فريدوم هاوس، لا تزال تعتبر أوزبكستان واحدة من أقل البلدان تمتعا بالحريات المدنية في العالم.
كانت روسيا سريعة في استغلال الفرص. العام الماضي وصل وفد من الوزراء والمسؤولين الروس، بقيادة فلاديمير بوتين، إلى طشقند. الوفد ملأ الفنادق في المدينة إلى درجة أنه كان لا بد من وضع بعض أفراد الفريق في منازل أخرى، بعد أن تجاوز نسب الإشغال الفندقي.
قال أحد المراقبين الأجانب الذي يعرف المنطقة: "روسيا ترى أوزبكستان جزءا من دائرة نفوذها. إنها بلد يعرفونه جيدا".
في الوقت نفسه، إلى الشرق، هناك الصين التي ترى أوزبكستان جزءا حيويا ضمن مبادرتها للبنية التحتية "الحزام والطريق"، التي تشمل خط أنابيب غاز يربط آسيا الوسطى بالصين. على أن المستثمرين الأجانب من الغرب كانوا أبطأ من حيث مستويات التدفق على البلاد. لا توجد علامات تذكر على أن وجود مجموعات الأسهم الخاصة الأمريكية التي تكدست في إفريقيا، على سبيل المثال. ولا توجد مطاعم ماكدونالدز في أوزبكستان، على الرغم من وجود فرع من سلسلة مطاعم كنتاكي للدجاج المقلي KFC. "في ذاكرتي، هذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها أشخاص مثل هؤلاء إلى هنا"، كما يقول إلدور مانوبوف، الشريك المنتدب في شركة المحاماة دينتونز في طشقند، وهو يتحدث عن المجموعة التي بقيادة صندوق ستيرجين.
المجموعة – التي تتنقل في حافلة صغيرة على طول الطرق المزدحمة المليئة بالحفر، غالبا ما تكون خمسة مسارات في كل اتجاه – لديها جدول زمني مكتظ بالاجتماعات مع الوزراء والمسؤولين المعينين حديثا في الحكومة.
أتابك نظيروف، المصرفي السابق الفصيح من بنك جولدمان ساكس، هو في أسبوعه الثاني كرئيس لوكالة أسواق رأس المال التي تم تأسيسها حديثا في البلاد.
كما تم تعيين ساردور عمرزاكوف، وزير الاستثمارات والتجارة الخارجية، قبل أسبوع من لقاء المجموعة. على أن اللافتة خارج الوزارة لم يتم تحديثها بعد، في دلالة صارخة على استحداث الوزارة، قبل فترة لا تذكر.
قال نظيروف: "نحن متأخرون عن المنحنى فيما يتعلق بكثير من الأشياء"، في الوقت الذي كان يستعرض فيه أفكار الإصلاح في مجالات مثل صناديق التقاعد الخاصة، وقانون الشركات وتوريق القروض العقارية.
هناك كثير من الإشارات على رغبة البلاد في الانفتاح أمام رأس المال الأجنبي. الشهر الماضي جمعت مليار دولار من عرضها الأول للسندات الدولية. وأنشأ مكتب المدعي العام خطا ساخنا خاصا للمستثمرين الأجانب، الذين يواجهون مخاوف محتملة عند الاستثمار.
يصف عمرزاكوف كيف تم تحويل صناعة الجلود في البلاد للتركيز على المنتجات النهائية: "نخطط للقيام بذلك في جميع قطاعات الاقتصاد"، كما يقول في مقابلة جرت في مكتبه الوزاري الفخم، والمعلق على جدرانه صورة للرئيس ميرزييوييف.
مع ذلك، يجب على المستثمرين التغلب على عقبات مختلفة. إجمالي قيمة التعويم الحر في بورصة طشقند، على سبيل المثال، يبلغ 300 مليون دولار (مقارنة بـ3.3 تريليون دولار في مؤشر الفاينانيشال تايمز لعموم الأسهم)، على الرغم من أنه من المتوقع حدوث عدد من عمليات الخصخصة. كما هو الحال في معظم أسواق التخوم، حوكمة الشركات في الشركات الخاصة هي من المخاطر الرئيسة الواضحة.
في الوقت نفسه، الأجانب الذين يريدون شراء حصص في المصارف الأوزبكية عليهم أولا الحصول على الموافقة. يقول عمرزاكوف إنه يعتقد "أننا سنصل إلى نقطة يتم فيها إزالة هذا المطلب".
كما أن وصول أصحاب إلى المشاريع أو حصولهم على رأس المال محدود أيضا. قال خوجانوف، صاحب شركة فاك- ماك، إن شركته لا تستخدم القروض المصرفية بسبب أسعار الفائدة العالية، حيث إن سعر الفائدة المعياري هو 16 في المائة، إلى جانب متطلبات الوثائق المرهقة. وقال: "نستطيع أن نعمل بشكل أسرع مع مستثمري الأسهم".
مضيفا أنه إذا استمرت الإصلاحات، فإن النقد الأجنبي يمكن أن يأتي، بصورة أكبر.
قال ظفر هاشيموف، مؤسس "كوزينكا" وهي سلسلة لمحال السوبرماركت: "الناس يأتون ويختبرون الأوضاع. هم يريدون أن يروا كيف تتقدم الأمور. الحقيقة أنهم محقون فالوضع هنا جديد تماما".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES