FINANCIAL TIMES

«ريلاينس» تظفر بحرب الهند على تكنولوجيا الخارج

«ريلاينس» تظفر بحرب الهند 
على تكنولوجيا الخارج

«ريلاينس» تظفر بحرب الهند 
على تكنولوجيا الخارج

تشعر شركات التكنولوجيا الأجنبية بالإحباط وفتور الحماسة في الهند، بعد سلسلة من التنظيمات الجديدة المرهقة، إلا أن أغنى رجل في البلد يواصل التقدم مستفيدا من ذلك الوضع.
في الوقت الذي تزن فيه شركات من شاكلة أمازون وغيرها مستقبلها في شبه القارة، كان موكيش أمباني يبني بشكل واضح إمبراطوريته "ريلاينس"، معلنا عن منصة جديدة للتجارة الإلكترونية "لإثراء" الملايين من أصحاب المتاجر الصغيرة.
في الأسبوعين الماضيين، أعلنت مجموعة ريلاينس عن استثمارات في خمس شركات تكنولوجيا متخصصة في خدمات تراوح بين الخدمات اللوجتسية إلى تكنولوجيا الصوت، إلا أنها تشترك في الهدف العام المتمثل في تعزيز "المبادرات الرقمية" في المجموعة. أمباني يجلب المعركة إلى عقر دار شركات التكنولوجيا الكبيرة في الهند.
هذا القطب المالي شعر بدنو الفرصة منه قبل إجراء الانتخابات الوطنية، عندما شدد حزب جاناتا بهاراتيا الحاكم، الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي التنظيمات المتعلقة بالمدفوعات الرقمية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية، لإثبات سيطرته على الاقتصاد الرقمي الوليد في الهند.
استخدام شبكة الإنترنت يتوسع بسرعة في الهند، وبالذات إنترنت الهاتف الخلوي وصفقات البيانات الرخيصة أو حتى المجانية للمستهلكين، ما جعل الهند سوقا قيمة لشركات التكنولوجيا الأجنبية التي تبحث عن النمو.
إلا أنها باتت تواجه مقاومة من مجموعة الضغط التكنولوجية سواديسي القوية بشكل متزايد، في موجة أطلق عليها الإعلام المحلي اسم حركة قومية من الحقبة الاستعمارية، التي تصعد الضغوط على الحكومة لفرض سياسات حمائية.
نيودلهي متعاطفة مع الموضوع. قالت الحكومة في مسودتها لسياسة التجارة الإلكترونية التي صدرت في الثالث والعشرين من شباط شباط (فبراير) الماضي: "البيانات هي النفط الجديد، وبالتالي مثل النفط تماما أو مورد طبيعي آخر، من المهم حماية البيانات".
قال سوامين اثانأييار، الزميل الباحث في معهد كيتو في واشنطن، إن هذه السياسات يمكن أن تكون أساس حديقة الهند المسورة.
"هناك خوف من أن يبتلعها الأجانب، وهناك رغبة شديدة لإيجاد أبطال وطنيين. حزب بهاراتيا جاناتا لا يهتم بمجال يتسم بتكافؤ الفرص، بل يريد تكافؤ الفرص لبطل هندي".
موقف الحكومة أوجد توترات مع الشركاء التجاريين للهند.
واشنطن كانت قد أعلنت أخيرا أن الهند لم تعد مؤهلة لنظام الأفضليات المعمم في واشنطن، الذي يوفر للاقتصادات الناشئة وصولا معفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الأمريكية.
على مدى الأشهر الستة الماضية، أجبرت الهند شركات الدفع العالمية على تخزين البيانات محليا، ونشرت مسودة قوانين لإجبار شركات الإعلام الاجتماعي على فك التشفير، وأدخلت قوانين التجارة الإلكترونية التي تسببت في قيام شركات أمثال أمازون وكذلك وولمارت بإعادة هيكلة عملياتها، ووضعت سياسات تركز على فرض مزيد من ضمانات الخصوصية.
قال فيناري كيساري، المحامي القائم في بنجالور المتخصص في السياسة التكنولوجية: "الأشهر الستة الماضية شهدت تنظيمات أكثر من الأعوام الستة التي قبلها. تصبح الهند أكثر ثقة بشأن تنظيم كل هذه المساحات المتعلقة بالتكنولوجيا".
وصول التنظيمات الجديدة تزامن مع انخفاض في الاستثمار المباشر الأجنبي إلى الهند، الذي انخفض بنسبة 7 في المائة إلى 33.5 مليار دولار بين نيسان (أبريل) الماضي وكانون الأول (ديسمبر) من 2018، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وذلك وفقا للأرقام الصادرة عن إدارة تشجيع الصناعة والتجارة الداخلية في الهند.
قال صحيفة "بيزنيس ستاندرد" في مقال افتتاحي: "يبدو أن الاقتصاد الهندي يفقد جاذبيته أمام المستثمرين الأجانب. غيرت الحكومة قواعد اللعبة – بضبط ذلك السلوك من النوع الذي يستنكره المستثمرون بحق".
مع ذلك، بقيت حكومة مودي مصرة على موقفها. شركات ماستركارد، وفيزا وأمريكان إكسبرس قاومت القواعد التي تتطلب منها التوقف عن تخزين بيانات المستخدمين الهنود في الخارج، لكنها في النهاية امتثلت للموعد النهائي.
في معرض إشادته بنجاح السياسات، قال آرونجايتلي، وزير المالية الهندي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، "إن شركتي فيزا وماستركارد تخسران اليوم حصة سوقية في الهند، لصالح نظام الدفع المطور محليا يو بي آي UPI وبطاقة رو باي RuPay، ما رفع حصتهما إلى 65 في المائة من المدفوعات عبر بطاقات الائتمان والدفع المباشر".
شركتا أمازون وفليبكارت، اللتين اشترتهما شركة وول مارت مقابل 16 مليار دولار العام الماضي، ستشهدان أيضا تباطؤ النمو بعد دخول تنظيمات التجارة الإلكترونية حيز التنفيذ.
"لقد شعرنا بخيبة أمل من التغيير الأخير في القانون ونقص التشاور"، كما قال دوج ماكميلون، الرئيس التنفيذي لمجموعة وول مارت، في اتصال مع المستثمرين في شباط (فبراير) الماضي، مضيفا: "نأمل في عملية تنظيمية تعاونية في المستقبل".
كانت "واتساب" من بين المنتقدين الأكثر صراحة لقواعد المحتوى المقترحة، التي وصفتها بأنها تفتح المجال للرقابة وانتهاك حرية التعبير. من غير الواضح ما إذا كانت القواعد ستدخل حيز التنفيذ قبل توجه الهنود إلى صناديق الاقتراع.
ليست الشركات الأمريكية وحدها هي المتضررة. شركة علي بابا كلاود، فرع الحوسبة السحابية لمجموعة علي بابا، أطلقت مركزين للبيانات في مومباي العام الماضي، ما يشير إلى أنها مستعدة للالتزام بقواعد الهند الجديدة، مقابل الوصول إلى اقتصادها الرقمي الضخم. في الوقت الحالي، فإن الشركات بانتظار مزيد من التطورات لترى كيف سيكون المناخ السياسي، بعد أن يهدأ الخطاب الساخن في موسم الحملة الانتخابية.
هناك سبب وجيه للتحلي بالصبر. الهند هي الاقتصاد الكبير الأسرع نموا في العالم، حيث توسع بنسبة 6.6 في المائة في الأشهر الثلاثة المنتهية في نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
سوق التجارة الإلكترونية فيها من المتوقع أن تزيد من 26 مليار دولار في عام 2018 إلى 230 مليار دولار خلال 20 عاما، وذلك وفقا لمورجان ستانلي.
قال سونال فارما، كبير خبراء الاقتصاد الهندي في شركة نومورا: "الشركات لا تستطيع تجاهل الهند. دائما ما يكون هناك توازن دقيق للانفتاح وأخذ الشركات المحلية في الاعتبار".
السؤال هو ما إذا كانت هذه السياسات سيكون لها التأثير المرغوب لدفع الشركات الهندية لمنافسة شركة أمازون أو شركة علي بابا الصينية. قال شاراد شارما، المؤسس المشارك للمؤسسة الفكرية "إنسبيريت": "يجب على الهند أن تتنقل إلى مسار لا توجد فيه أدوات المراقبة الحكومية مثل الصين، ولا توجد احتكارات قطاع خاص مثل الولايات المتحدة. نحن في منطقة مثيرة للحيرة".
يأمل أمباني في الخروج من الفوضى كلاعب رئيس في الاقتصاد الرقمي في الهند. تفرغ القطب من أعماله الأساسية للنفط والبنية التحتية لإطلاق شبكة الاتصالات "ريلاينس جيو" في عام 2016، حيث فاز بأكثر من 200 مليون مشترك خلال عامين ويعمل على إفقار المنافسة.
مشروع أمباني في مجال الاتصالات، الذي وصف بأنه "افتراسي" من قبل المنافسة التي اتهمت نيودلهي بتفضيل أعماله، يأتي في الوقت نفسه الذي تشهد فيه أعمال التجزئة التابعة له ازدهارا كبيرا.
تم تصنيف شركة ريلاينس ريتيل، التي تضم عشرة آلاف متجر في كافة أنحاء البلاد، من قبل مجموعة ديلويت بأنها خامس شركة تجزئة أسرع نموا في العالم.
أمباني لا يخفي خطته لاستخدام شبكة جيو لدمج متاجره المادية مع منصة التجارة الإلكترونية وبناء إمبراطورية رقمية. توقيته الملائم أثار شبح رأسمالية المحاسيب، إلا أن آخرين يقولون إن هذا يدل على عدم إدراك الفكرة الأساسية وراء ذلك.
قال جينيث كولا، المؤسس المشارك للشركة الاستشارية "كونفيرجانس كاتاليست": "نحن نشهد تطور لاعب رقمي كبير. يبدو أن شبكة جيو تبرز كبطل وطني في الهند".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES