Author

تباعد أسعار النفوط القياسية الرئيسة مرة أخرى

|

اكتسبت أخيرا أسعار خام برنت بعض الزخم، في حين أظهرت أسعار خام غرب تكساس الوسيط بعض التلكؤ. يعكس هذا الاختلاف في تحركات الأسعار القياسية للنفطين اختلافا طفيفا في أساسيات السوق بين الولايات المتحدة وبقية مناطق العالم. يستمر نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بمعدل سريع، حيث بلغ الإنتاج 12.1 مليون برميل في اليوم، أي بزيادة تقارب 600 ألف برميل في اليوم من مستويات تشرين الأول (أكتوبر) 2018. لقد عدلت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أخيرا توقعاتها لإنتاج النفط الأمريكي إلى 12.4 مليون برميل في اليوم لهذا العام، ارتفاعا من توقعاتها السابقة لعام 2019 البالغة 12.1 مليون برميل في اليوم.
يظهر عديد من شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة علامات الضعف، حيث يكافح من أجل تحقيق بعض الأرباح وخفض الإنفاق في مواجهة ضغوط المستثمرين. لكن نمو الإنتاج لا يزال مستمرا، معظمه بقيادة شركات النفط الكبرى. وفي أحدث تقرير لها عن إنتاجية الحفر Drilling Productivity Report، تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن تضيف أحواض النفط الصخري الرئيسة في الولايات المتحدة 84 ألف برميل يوميا في هذا الشهر.
مما لا شك فيه أن هناك فجوة بين تحركات أسعار النفوط القياسية الرئيسة، وتأثير ذلك في عدد الحفارات العاملة، وفي نهاية المطاف في نشاط الحفر ونمو الإنتاج. لذا، يمكن أن يكون هذا هو السبب وراء توقع تباطؤ نمو الإنتاج مع اقتراب العام من نهايته. بالفعل استقر عدد الحفارات في الولايات المتحدة؛ ومن الممكن جدا حدوث تباطؤ في نمو الإنتاج في الأسابيع والأشهر المقبلة.
ولكن حتى الآن، تستمر أرقام نمو الإنتاج فائقة جميع التوقعات، الأمر الذي يثقل كاهل أسواق النفط. في الأسبوع الماضي فقط، بين تقرير إدارة معلومات الطاقة قفزة مفاجئة في مخزونات النفط الخام بمقدار سبعة ملايين برميل. جزء من ذلك كان خارج المألوف بسبب انتعاش الواردات بعد انخفاضها في الأسبوع الذي سبقه. ومع ذلك، يستمر الإنتاج في الارتفاع.
في الوقت نفسه، تعمل تخفيضات "أوبك" وحلفائها على تشدد أساسيات أسواق النفط في مناطق العالم الأخرى. حيث قامت المنظمة وحلفاؤها بخفض الإنتاج بأكثر من 1.2 مليون برميل في اليوم، والسعودية في طريقها إلى تحقيق مزيد من الانخفاض، وتهدف إلى خفض إنتاجها إلى 9.8 مليون برميل في اليوم بحلول نهاية هذا الشهر.
نتيجة لذلك، يتم تزويد السوق بشكل جيد في الولايات المتحدة، ولكن أكثر تشددا في أماكن أخرى من العالم. وقد تُرجم ذلك إلى فجوة في الأسعار بين خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط، التي اتسعت إلى عشرة دولارات للبرميل، بعد أن كانت تراوح بين ستة وثمانية دولارات للبرميل في كانون الثاني (يناير). كما أن الاختلاف في ظروف السوق قد ظهر أيضا في بعض التعاملات التجارية الغريبة.
في هذا الجانب، ذكر تقرير لنشرة بلومبيرج صدر في شباط (فبراير) أن سلسلة من الناقلات العملاقة تقوم بنقل النفط الخام من الولايات المتحدة إلى آسيا، ولكن بعد ذلك تعود فارغة، لا تحمل سوى مياه البحر من أجل استقرار الناقلة. بالفعل تتحمل شركات الشحن أعباء مالية ضخمة جراء عدم إعادة النفط من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة، لكن ظروف العرض لهذه السوق متشددة، في حين أن هناك كميات كبيرة من النفط بحاجة إلى التوجه من الولايات المتحدة إلى آسيا. ويتم تسعير تلك الكميات حسب مؤشر أسعار خام غرب تكساس الوسيط المنخفض، وبالتالي هناك بعض المراجحة مستمرة، مع رخص النفط الأمريكي المتجه شرقا.
في هذا الصدد، ذكر بعض المحللين أن ما يقود هذا التوجه في أسعار خام غرب تكساس الوسيط هو أن سوق النفط في الولايات المتحدة تبدو هبوطية نسبيا مع توقع ارتفاع الإنتاج المحلي، واستمرار بناء مخزون النفط الخام الذي شهدناه خلال الأسابيع القليلة الماضية. في الوقت نفسه، تدعم تخفيضات "أوبك" أسعار النفط العالمية مثل خام برنت، ما يجد حافزا للتصدير.
كما أن انقطاعات الإنتاج غير المبرمجة في إيران وفنزويلا تعمق من هذا الاتجاه. حيث تستمر أسعار برنت في الاستفادة من تخفيضات إنتاج "أوبك" وحلفائها وتوقفات الإمدادات غير الطوعية في فنزويلا وإيران. كما أن الارتفاع الكبير وبشكل غير متوقع في مخزونات النفط الخام الأمريكية فشل في وضع أي ضغط ملحوظ على أسعار النفط. في الواقع، ارتفع خام برنت إلى أكثر من 66 دولارا للبرميل مرة أخرى بين عشية وضحاها قبل أن يتراجع قليلا. إن خام غرب تكساس الوسيط متخلف إلى حد ما، ما وسع الفجوة السعرية إلى عشرة دولارات للبرميل مرة أخرى.
يذكر أن فارق السعر بين خام غرب تكساس الوسيط في منطقة كوشينج والأسعار في ميدلاند، تكساس في قلب منطقة حوض البيرميان، قد اختفى تماما. في العام الماضي، تم تداول أسعار حوض البيرميان بخصم 20 دولارا للبرميل عند أوسع نقطة، بسبب قيود خطوط الأنابيب. لكن الخصم انخفض في الآونة الأخيرة إلى الصفر، بفضل إضافة خط أنابيب صنرايز Sunrise في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، والإعلان عن تحويل خط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي سيمينول Seminole لنقل النفط الخام بنهاية شباط (فبراير) 2019، وفقا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس.
إن الكميات الكبيرة من صادرات النفط الأمريكية ستعمل على تخفيف الاختلافات بين خام غرب تكساس الوسيط وبرنت. ومن المخطط زيادة القدرة التصديرية لساحل تكساس. لكن هذا سيستغرق بعض الوقت. في غضون ذلك، أدى ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في الوقت الذي تبقي فيه منظمة أوبك وحلفاؤها على تخفيضاتها، إلى توسيع الأسعار بين المعيارين النفطيين.

إنشرها