Author

الأبواب المغلقة «2»

|


حين نشرت الجزء الأول من هذا المقال لم أكن أعتقد أنه سيثير هلع بعض الآباء والأمهات إلى هذا الحد، فلم أكن أهدف إلا إلى توعية الوالدين بخطورة ما قد يجري خلف الأبواب المغلقة لأبنائهم وبناتهم، والحث على ضرورة إقامة حوار دائم بهدف الاقتراب منهم وبناء جسور الثقة المتبادلة، ما يجعلهم بعون الله تعالى في مأمن مما قد يحيط بهم من مخاطر، والرسالة الثالثة التي وصلتني كانت قاصمة الظهر كما يقولون تقول فيها إحدى الأمهات:
"رزقني الله خمسة أبناء الأوسط منهم شقي جدا (بزيادة) رغم أنه في العاشرة من عمره تعبنا منه ومن شقاوته فاقترحت علي إحدى زميلاتي أن أشتري له "بلاي ستيشن" لينشغل بها وفعلا اشتريتها له رغم معارضة والده الذي استسلم تحت إلحاحي بشرط أن يكون طفلي في الصالة وأمام عيني فقد سمع كثيرا عن "بلاوي" هذا الجهاز، وفعلا "افتكينا" من شقاوته وهدأ المنزل وأرحت رأسي من إزعاجه، بعد مرور أشهر قليلة بدأ طفلي في الإلحاح علي أن يلعب في غرفته بحجة أن إخوانه الصغار يزعجونه "ويخربون" عليه حين يصل لمراحل متقدمة، في البداية رفضت لكن خوفا من أن يرجع لشقاوته السابقة وافقت فقام بنقلها إلى غرفته بالدور العلوي، كنت أقضي أغلب وقتي مع أطفالي في الدور الأرضي لكن لاحظت غيابه الطويل حتى عن مشاركتنا الأكل ثم بدأ في إقفال باب غرفته بشكل مستمر، وحذرته إن فعل ذلك أن أحرمه من البلاي ستيشن، شيئا فشيئا تغيرت سلوكياته ولاحظت شروده وتشتته وعصبيته وقلة شهيته، ثم أصبح يتبول على فراشه ليلا، حاولت أن أعرف منه سبب هذا التغيير فلم يتجاوب معي هددته بحرمانه من البلاي ستيشن فانهار وأصبح يقبل قدمي حتى لا أفعل، حجزت له عند مستشار نفسي مختص بالطفولة وكدت أنهار حين علمت سبب ما يمر فيه صغيري، كان زميله في اللعبة عمره 25 عاما يطلب منه صورا في أوضاع مخلة واستجاب له، فأصبح يطالبه أن يخرج معه وإلا سيرسل الصور إلى والده وأصدقائه.
استغرق الأمر ستة أشهر كاملة من الضغط النفسي والمعاناة حتى استطعنا أن نعبر هذه الكارثة، مشكلتي الآن أن طفلي أصبح انعزاليا وهادئا ويسيطر عليه الخوف دوما فماذا أفعل؟
مثل هذه الرسائل الثلاث وغيرها من الرسائل التي لم يكتبها أصحابها يجب أن تكون سببا لنعلق الجرس ونقول بكل صدق: "احذروا الأبواب المغلقة".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها