Author

الغاز في السعودية واستراتيجية الطاقة

|


تسير الأوضاع الخاصة بمخططات المملكة للاستثمار في مجال الغاز بخطوات واضحة وثابتة، ليس فقط على صعيد الضخ الاستثماري، بل من جهة الاستكشافات الخاصة بالغاز، التي ظهرت بوضوح أخيرا في البحر الأحمر. ورغم أن الوقت لا يزال مبكرا لمعرفة آفاق الآبار الموجودة في البحر، إلا أن الأرقام مشجعة، وتدفع في الاتجاه الذي وضعته "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. يضاف إلى ذلك، أن الحراك السعودي على هذا الصعيد يصب في الاستراتيجية العامة الخاصة بالطاقة ككل. فالسعودية وضعت كل الإمكانات اللازمة من أجل تطوير هذه الطاقة بكل روافدها، بما فيها بالطبع الطاقة المتجددة. وهي "أي المملكة" تحظى بالفعل بالقدرات اللازمة في هذا المجال.
والسعودية أعلنت رسميا "أخيرا" أنها تستهدف تصدير ثلاثة مليارات قدم مكعبة من الغاز قبل حلول عام 2030، من موارد تقليدية وغير تقليدية. وفي المجمل سيصل مستوى الاستثمارات في النفط والغاز في البلاد إلى نصف تريليون دولار في أنشطة المنبع والمصب. وهذا أيضا يمثل بعدا عالي الجودة على صعيد دعم استراتيجية الطاقة الوطنية، بما في ذلك رفع القدرات التصديرية حتى في مجال الطاقة الشمسية في وقت لاحق من العقد المقبل. أي إن هناك استراتيجية شاملة تأخذ في الحسبان كل ما هو موجود على الساحة، إلى جانب طبعا أنها تستفيد من الآفاق التي أتت بها "رؤية المملكة"، سواء من ناحية التمويل أو التشريعات المرنة الضرورية في هذا المجال على وجه الخصوص.
خيارات تصدير الغاز السعودي ستشمل أيضا كل شيء، بما في ذلك خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال، وكل عمليات التطوير والدعم ستتم من خلال المملكة بمفردها. أي إن العمل سيكون وطنيا خالصا. ومن هنا يمكن النظر إلى الاكتشافات الجديدة للغاز في البحر الأحمر، مع العلم أن بعضها موجود في أماكن عميقة قد تتطلب مزيدا من الاستثمارات لاستخراجها. لكن في النهاية العمل يجري على أساس الجدوى والجودة، بمعنى أن الحراك على صعيد الغاز "وغيره" يستند إلى معايير ذات عوائد عالية، وبقيمة مضافة كبيرة جدا. المهم الآن العمل على مزيد من الاستكشافات في المناطق المشار إليها في البحر الأحمر، علما أن جهات عالمية مختصة تتوقع وجود مزيد من المكامن الخاصة بالغاز في هذه المياه.
الكميات -وفق المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية- مشجعة، وستكون أكثر من مشجعة مع استمرار العمليات الاستكشافية المشار إليها، وكل هذا يصب في الاستراتيجية العامة للطاقة السعودية. ففي العامين المقبلين ستكون هناك عمليات استكشاف مركزة عن الغاز. مع تأكيدات رسمية بأن كميات النفط في البحر الأحمر قليلة مقارنة بالقدرات النفطية الهائلة للمملكة. لكن هذا ليس مهما في الاستراتيجية المشار إليها. لأن المخططات الخاصة بالغاز أخذت مكانها في القائمة الوطنية للطاقة. يضاف إلى ذلك أن السعودية ليست في عجلة من أمرها لاستكشاف مكامن نفطية في الوقت الراهن، وهي التي تتمتع بثاني أكبر احتياطي في العالم. المهم الآن الوصول بالمخططات الخاصة بإنتاج وتصدير الغاز إلى المراحل المطلوبة، بما يدعم "رؤية المملكة 2030"، التي تقوم حاليا ببناء اقتصاد سعودي وطني جديد، يغطي الحاضر والمستقبل. إنه اقتصاد للأجيال المقبلة.

إنشرها